{ من الأشياء الملاحظة في الآونة الأخيرة تفشي ظاهرة (التسول) وبصورة كبيرة جداً حتى وصلت إلى درجة لا تحتمل، والتسول الآن أصبح مهنة لمن لا مهنة له، وصار السبيل الوحيد لعديمي الإرادة الذين دائماً ما يبحثون عن المال دون جهد أو تعب.
{ ومن الأمور التي تدعو للدهشة والحيرة والأسف أن ممارسة التسول راقت للكثير من الشباب الأصحاء والأقوياء، فاتخذوها مهنة ووسيلة للترزق والكسب.
{ حتى أننا أصبحنا وبصورة يومية نرى هؤلاء الشباب الأشداء بمختلف أعمارهم وبكامل قواهم العقلية والجسمانية، ينتشرون على أرصفة الشوارع، ويقفون عند إشارات المرور والتقاطعات ويسدون مداخل الكباري، ونجدهم أيضاً يتصيدون الناس أمام أبواب البنوك والصرافات وفي المطاعم وعند مداخل المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، وكثيراً ما نشاهدهم أمام أبواب المنازل والبيوت خاصة في الأحياء التي يسكنها الأثرياء من رجال المال وأصحاب النفوذ. كما صرنا نراهم بكثافة داخل حرم المساجد وفي كل الأوقات وينهضوا عقب كل صلاة “للشحدة” بدون حياء وبإلحاح شديد، بل نجدهم أصبحوا يتبارون في ابتداع الأساليب والحجج والمبررات لسؤال الناس.
{ ظللت لفترة طويلة أراقب وأترقب هؤلاء الشباب الأقوياء الذين اتخذوا من (الشحدة) وسؤال الناس مصدراً للرزق.
{ وكنت كل ما أصادف أحدهم وهو يقف بطوله وعرضه (ماداً يده)، أقول في نفسي ألا يدري هؤلاء خطورة ما يقومون به؟ ألا يعلمون أن ديننا الإسلامي يبغض هذه الظاهرة (التسول) أو (المسألة) بل ويرفضها تماماً؟.
{ ألم يستمع هؤلاء لأحاديث الرسول “صلى الله عليه وسلم” وأقواله في هذا الشأن؟
{ ألم يسمعوا قوله “صلى الله عليه وسلم”: (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله سبحانه وتعالى وليس في وجهه مزعة لحم).. رواه البخاري ومسلم، و(المزعة) كما فسرها بعض العلماء هي (القطعة)؟.
{ ألم يسمعوا حديث الرسول “صلى الله عليه وسلم” وقوله: (من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به، فتح الله عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب).. رواه البيهقي،
(الفاقة كما يعرفها العلماء هي (الحاجة الشديدة)؟.
{ ومن الأحاديث التي وردت عن الرسول “صلى الله عليه وسلم” قوله: (إن المسألة لا تحل لغني ولا لذي مُرة سوى، إلا لذي فقر مدقع أو غرم مفظع.. ومن سأل الناس ليثري به ماله كان خموشاً في وجهه يوم القيامة وردغاً يأكله من جهنم.. فمن شاء فليقلل ومن شاء فليكثر).. رواه الترمزي.
و(مُرة سوى) تعني القوة.. وعندما سأل الصحابة رسول الله واستفسروه عن الغني الذي لا ينبغي معه (المسألة)، قال: (إن يكون له قوت يوم وليلة).
يا ليت هؤلاء يركزون ويتعمقون في قراءة هذه الأحاديث النبوية حتى ينتبهوا لخطورة ما يقومون به، ونتمنى من الجهات المعنية محاربة مثل هذه الظواهر وبكل السبل.