لسنا محتاجين للتصنيف السنوي لمجلة (هيدوزن) الأمريكية لنتأكد أن عاصمتنا الخرطوم واحدة من (أوسخ) مدن العالم، لأننا شايفين ومعترفين، بل ونبصم بالعشرة أن العام 2016م وما قبله بشهور، شهد أسوأ مستوى لتدني النظافة بها. والآن فعلياً لا يخلو شارع جانبي أو جزيرة شارع مسفلت من أكوام النفايات، أما داخل الأحياء فحدث ولا حرج حيث أن الكوش وأكوام القمامة أصبحت السمة الغالبة والمشهد المكرر طوال اليوم.
ودعوني أقول إنني قبل يومين وعندما شاهدت السيد وزير الحكم المحلي الأستاذ “حسن إسماعيل”، يغادر مبنى المدرسة التي تجاورنا في الحي والتي تقع قبالتها (كوشة بي فهم)، كتبت له في اليوم الثاني أن ينقل شكوانا للوالي ومعتمد بحري عن ما شاهده من منظر لا يليق بعاصمة ترفع شعار عاصمة نظيفة ومتحضرة. وبعدها بي (24) ساعة اتصل علي الأستاذ “حسن” وقال لي إن زيارته أصلاً للحي جاءت بدعوة من بعض مواطنيه، ولجنته الشعبية للوصول لحلول عاجلة لتردي الخدمات بالحي. وأعلن له المواطنون أنهم مستعدون لمناصفة الولاية في ترقية الحي ونظافته. وقبل حي الصافية، حدثني الأخ الوزير عن أن حي الأمراء الأم درماني أيضاً أرسل إليه وفداً لرغبتهم في التعاون مع الولاية وتفعيل الجهد الشعبي بشقيه الإنساني والمادي، وهم الآن قد شرعوا فعلياً في تحقيق فكرة الحي النموذجي.
لكن دعوني أدون ملاحظة تفتح الباب لتساؤل عريض والملاحظة المهمة أن حي الأمراء الذي يتبع فعلياً لمحلية أم درمان، تجاوز المدير التنفيذي وتجاوز المعتمد ليتواصل مباشرة مع الأخ “حسن إسماعيل” وزير الحكم المحلي، وكذا الإخوان في حي الصافية الذين تجاوزوا المحلية والمعتمد ليتواصلوا مباشرة مع الوزير. السؤال سيكون لماذا تجاوز هؤلاء تراتبية المؤسسية ليقفزوا بالزانة للأخ الوزير، فإما أن الطرق مقفولة ما بين هذه المحليات ومواطنيها وليست هناك قنوات تواصل، أو أن هؤلاء المواطنين سعوا للمعتمدين، لكنهم لم يجدوا استجابة (ودست عنهم المحافير).
في كل الأحوال أقول إن مستوى القمامة أمام منزلي والمنازل المجاورة فات حد حلول الحريق، فاتصلت أمس مساءً بالأخ المدير التنفيذي لمحلية بحري لعله (يلحقنا وينجدنا) فقال لي: والله ما عندنا آليات تغطي عملية النظافة في محلية بحري، فسألته كيف الكلام ده وقبل أيام احتفل المجلس الأعلى للبيئة بالمنحة اليابانية ووصول العشرات من عربات النفايات التي احتفل بها في حضور الوالي والوزير، فقال والله ما جاتنا حتى الآن كدي أسألي الهيئة الإشرافية للنظافة بولاية الخرطوم. وبالفعل قمت بالاتصال بالدكتور “مصعب البدير” عشان أسأله لكن هاتفه مشغول منذ الأمس ولم أجد إجابة لأسأله، الآن وين يا دكتور “مصعب” عرباتكم الجديدة الخضراء العاجباك لمن خاتيها بروفايل واتسابك؟؟ لماذا لا تنزل هذه العربات للميدان فوراً لترفع أكوام القمامة التي ستتسبب في كارثة بنسبة لا يعلم مداها إلا الله. بالمناسبة الأمر لم يتوقف فقط عند الكارثة البيئية، لكن جابت ليها شيل حال والمجلة الأمريكية تصف الخرطوم بأنها عاصمة للقرود كما قال “هانز فيدرك” الصحفي بالمجلة، والله حيرتونا هي عاصمة للقرود واللا عاصمة للتماسيح؟؟
{ كلمة عزيزة
أمس الأول لفت نظري خبر يتصدر الصفحة الأولى بالزميلة صحيفة (الدار) والخبر مصحوب بصورة لسيدة تحمل ثلاثة أطفال، فحواه أنها قد أنجبت ثلاثة توائم ولديها ثلاثة أطفال آخرون، لكنها الآن فعلياً عاجزة عن كفالتهم مع ارتفاع سعر الألبان و(البامبرز)، وما إلى ذلك من الاحتياجات التي يحتاجونها. وقالت إن زوجها لا يتعدى دخله الألف جنيه يضيع نصفه لمواجهة الإيجار، ووجهت نداءً لوزيرة الرعاية الاجتماعية للوقوف معها لتربية أبنائها. قضية السيدة ذكرتني بفلم الفنانة شادية (لا تسألني من أنا)، حيث باعت ابنتها وهي صغيرة لسيدة غنية حتى تستطيع أن تعيش أبناءها الآخرين، وعندما اكتشفت الابنة ذلك وعاتبتها غاضبة صرخت “شادية” في نهاية الفلم (الفقر مش يخلي الناس تبيع ضناها الناس ممكن تبيع لحمها). ولأننا في السودان حيث المروءة والنخوة توقعت أن تستجيب أيادي الخير وناس شوفوني البتبرعوا أمام فلاشات التصوير، وأن يطلبوا عنوان السيدة ويغرقوا منزلها بما تحتاجه، بل ويكفلوا التوائم حتى سنوات الدراسة. أما السيدة وزيرة الرعاية الاجتماعية فنحن نعذرها على عدم الاستجابة، لأنه لابد أن تقدم الأم طلباً مختوماً من اللجنة الشعبية مشفوعاً بشاهد عدل ليأخذ دورته حتى يصل مكتبها الأنيق، وعندها سيكون الثلاثة توائم على أعتاب المرحلة الجامعية ولك الله يا بلد!!
{ كلمة أعز
كلما شاهدت الوزير “حسن الطيب البدوي” وزير الثقافة (ضيفاً للشرف) في الفعاليات الثقافية، كما كان جلوساً في احتفائية جائزة الأديب “الطيب صالح” التي ترعاها (زين)، أتألم وأخجل على حال الثقافة في بلادي.