مدينة الخطيئة (Sin City)، فيلم أمريكي أنتج في العام 2005 في جزئه الأول، بينما أنتج الجزء الثاني في العام 2014، وذلك بعد النجاح الكبير الذي حققه الجزء الأول جماهيريا وبإجماع النقاد السينمائيين، وذلك للأسلوب الخلاب الذي اتسم به إخراج الفيلم، لا سيما في جانب “الجرافيك” واعتماده على اللون الأسود أساسيا في “الصورة” لتوصيل مشاهد الفيلم مع حقن ذلك بجزئيات ملونة تعمق من تأثير المشهد وتخلق انطباعا جماليا فريدا رغم البعد الدموي للأحداث في مجملها. الفيلم اعتمد على تقنية التقسيم الداخلي، فهناك أكثر من قصة مروية ومشاهدة، كل قصة تشكل منفردة وحدة “فيليمة – موضوعية”، مع الترابط الدرامي بين أحداث القصص جميعها وخلفياتها السيرية المرتبطة بمصائر الأشخاص – الأبطال.
سن سيتي، يصنف فيلم جريمة وعنف بامتياز، وربما يحتوي على مشاهد عنف وقتل ودماء بالقدر الذي يجعلني أصف أحداثه بـ (الفظاعة)، ويتداخل هذا العنف المميت مع جرائم الجنس، والاغتيال، وفساد الشرطة، وسطوة الجنون. فكل ما يمكن تصوره من عنف – أنتجته هوليوود – يتوفر في هذا الفيلم، بداية من ضرب الأجساد المدمي، وإطلاق الرصاص بغزارة، وقطع الرؤوس والأيدي بالسيوف والخناجر وحتى أكل لحوم البشر بوساطة آدميين أو تقديمها وجبة للكلاب. هذا العنف (الفظيع) تخفف منه تلك الآلية الإبداعية التي اتبعها مخرج الفيلم بترك السيادة اللونية للون الأسود وتطعيمه عند الحاجة ببقية الألوان، فالدماء قد تظهر في لونها الطبيعي حمراء قانية؛ لكن تدفقها في مجرى الأسود يخفف من بشاعتها ويعطي انطباعا شعريا غريبا لمعنى العنف أو الموت، الانطباع نفسه يتخلق في لحظة تبدل اللون الأسود إلى اللون الأبيض الحلمي المرن الأشبه بـ “نجاتيف الأفلام”، فمشهد مثل مشهد تناول كلب متوحش لأجزاء بشرية يظهر بعد تبدل الألوان وكأنه صورة حالمة تصارع كابوسا ما!
سن سيتي، هي تلك المدينة التي يفقد فيها القانون هيبته، وتكون السيطرة فيها للجريمة وشروطها وقوتها، النساء مضطهدات وضائعات أو هن ثائرات ومتمردات وأحيانا متآمرات، الرجال يحيون بالعنف وللعنف، الحب قيمة ضئيلة؛ لكنها في النهاية هي تلك القيمة التي تحرك الأحداث في كل قصص الموت والتضحية والدماء الممزوجة بالجنس، التي يرويها الفيلم.
لا يمكن تلخيص أحداث الفيلم هنا، لأن ميزته ليست في سرد قصصه، وإنما في تلك الطريقة التي قدمت بها هذه القصص، أعني الصورة وحركة الكاميرا ولعبة الجرافيك العظمى.
سن سيتي: إخراج فرانك ميلر وروبرت رودريغز، بطولة جيسيكا ألبا، جايمي كينغ، بروس ويليس.. وعدد كبير من النجوم.