* لما ضجت الأسافير بمقال عزمي عبد الرازق الأخير الذي كان من الصدمة والدهشة بمكان، تساءل يومئذ كثيرون: متى وكيف يكتب عزمي عبد الرازق؟! فاجتهدت يومئذٍ في صناعة بعض الحيثيات.. فقلت لكي ينتج عزمي مقالاً ملهماً يحتاج لشيئين إثنين.. كوب قهوة وأزمة !!
ولسوء حظنا وحسن حظ عزمي.. فليس هناك أكثر وفرة من الأزمات و(ستات الشاي) ومهنتهن الشريفة.. بطبيعة الحالة الاقتصادية المأزومة هي الأخرى !!
* ووفرة الأزمات تذكرني بواقعة طريفة بحلتنا.. فعند ما دخلت (عشة العربية) إلى المركز الصحي ووجدته ذات حمى يئن بالمرضى.. لم تجد هي في المقابل في قاموسها كلمة غير (ما شاء الله) يا عبدالقادر!! ولا أعرف إن كانت كلمة ما شاء الله هي الأنسب في حالة توفر المرضى والأزمات !!
* هي مثل مفارقة (الله يجازيك) و(جزاك الله خيراً).. أفوضكم – والحال هذه – أن تختاروا إحدى العبارتين مقابل قرار مجلس تشريعي الولاية زيادة فاتورة المياه مائة بالمائة، أتصور أن كثيرين في هذه الحالة سيشهرون في وجه النواب المحترمين (الله يحازيكم) !!
* أيضاً دعوني أقول (جزى الله المحن خيراً)!! فعلى الأقل قد أتاحت لي كلمة (ياغبي) التي سددها لي أحد أفراد موكب سيادي.. أن أنتج مقالين باهظين على مدار يومين ما كان لي إنتاجها لولا هذه الدفعة القوية من الاستفزاز!!
* فجزاهم الله خيراً على ما بذلوه.. فربما سأكون عاطلاً عن الكتابة التي هي الأخرى تحتاج إلى (غبينة).. وربما (بعض غباء) حسب توصيف الموكب السيادي.. ففي السودان حسب الراحل نزار قباني إما أن تكون شاعراً وإما عاطلاً!! أما الآن فأنت بين خيارين اثنين، إما أن تكون أو أن تكون بغير عمل!!
* كتب لي صديقي صالح سنين من مدني.. أن أحتسب.. فاحتسبنا.. وليس أمامنا أخي صالح إلا موقف أحمد مطر.. لما ضاقت عاصمة العطور بقطعة قماش كانت تضعها طفلة على وجهها.. فأتاحت له أن يكتب أنصع قصائده (الحسن أسفر بالحجاب).. إن رضت أهلا وسهلاً.. وإن لم ترض فلترحل فرنسا عن فرنسا إن كان يزعجها الحجاب !!
* كتب أحدهم بأن أعضاء المجلس التشريعي بعد أن قاموا بواجب الوطن.. وهم يجيزون تسعيرة المياه الأخيرة.. لبى بعضهم مباشرة دعوة لاحمة بمنتجع (أولاد أمدرمان) بشرق النيل!! ولم يتركوا لنا غير مناحة الكابلي.. ضبحولنا الكرامة وأصبحنا فرحانين.. وضربو دنقرن جوني العيال مارقين.. بسأل عن علي الولد البقود تسعين.. هو اللدر العلي ضهرو الخبوب والطين.. مابكاتل الضعيف ما بسولب المسكين!! سلبوا اللحم والسلات وسلبونا!! أقترح عليهم – والحال هذه – أن يصنعوا مدينة جديدة بالولاية تحت اسم (سلبونا) !!
* لو كنت مكانهم ولا محالة الزيادة واقعة.. كنت سأوزع الصدمة على عدة شهور.. كأن أزيد الآن عشرة بالمائة ثم بعد شهرين خمسة بالمائة.. لكن أن يأتينا نصيبنا من الصدمة جرعة واحدة!! بحيث يتيح البرلمان للصحافة أن تخرج مجتمعة بمينشيت أحمر يقول (المجلس التشريعي ينحاز إلى حكومة الولاية ويجيز تسعيرتها للمياه بنسبة مائة بالمائة) !! ويفترض العكس بأن ينحاز الأعضاء الموقرون إلى الشعب !!
* ألم أقل لكم إن وفرة الأزمات توفر للصحافة بعض الخطوط الصادمة والمقالات الباهظة!! ولا ذنب لنا يومئذٍ كقبيلة إعلامية سوى أننا على مواجع الشعب نبيع مقالاتنا !!