مكافحة الإرهاب.. بعيداً عن نقاط الخلاف

قد يخسر السودان ورقة مهمة بل ربما هي الورقة الوحيدة التي تصلح للاستخدام واللعب بها (براغماتياً) في ملعب التفاهمات السودانية الأمريكية ومساعي رفع العقوبات وتطبيع العلاقات.. هذه الورقة هي ورقة التعاون مع أمريكا في ملف مكافحة الإرهاب..
نعم سيخسرها السودان لو تمسك بمبدئية موقفه في محاربة الإرهاب وأبعد ملف التعاون بينه وبين أمريكا عن نقاط الخلاف والتعاطي مع الشروط الأمريكية المعقدة للتطبيع مع السودان..
هذه الورقة استخدامها لا يناسبنا ولا يناسبنا ربط التعاون مع أمريكا أو غيرها في ملف مكافحة الإرهاب بشكل ومستوى علاقاتنا معها، لأنه من المفترض أننا لم نكن قد تبنينا موقفنا من الإرهاب (عشان خاطر أمريكا).. هو موقف من المفترض أنه موقف مبدئي أصيل، حتى تجاه الإرهاب الأمريكي نفسه وأي نوع أو شكل آخر من أشكال الإرهاب .
تلويحات رئيس البرلمان وحديثه عن إمكانية مراجعة أو وقف التعاون مع أمريكا أو غير أمريكا في ملف مكافحة الإرهاب، هذا الحديث غالباً لم يمر نصه بمرحلة المراجعة والتدقيق وضبط المضمون ذاتياً عند البروف إبراهيم أحمد عمر قبل إطلاقه للإعلام .
ففي تقديرنا أن بروف إبراهيم أحمد عمر العائد من أمريكا لتوه لو تدبر هذا الأمر قليلاً لما أهدى الأمريكان هذه الهفوة التي سيقومون بتحليلها وتفسيرها على أن السودان لا يتعاون معهم ومع المجتمع الدولي في ملف الإرهاب بقناعة أصيلة وراسخة بل يقوم بذلك لتحقيق أهداف محددة وهذا ليس صحيحاً فمثلما تكتوي أمريكا ودول أوروبا بنار الإرهاب فإن السودان وحلفاءه في المنطقة يكتوون بهذه النار التي لا تستثني أحداً .
وهذا أشار إليه البروف نفسه في سياق تلويحه الذي نحن بصدده حين قال (نحن مبدئياً ضد الإرهاب ونسعى لتقديم الفكر الوسطي.. ويمكننا التعاون مع دول مختلفة ولكن لو شعرنا أن هذه الدول غير راغبة أو معادية ولا تتعاون مع السودان حينها ستتخذ الجهات المختصة القرار المناسب) .
كل هذا الحديث الذي أدلى به البروف (عال العال)، المشكلة فقط في عبارة (ولا تتعاون مع السودان).. لأن التعاون مع السودان من عدمه لا يؤثر – من المفترض – في موقفه المبدئي.. والبروف يعلم أن السياسة الدولية الآن على نمطين سائدين لا ثالث لهما، إما التعاون أو العداء.. وخاصة في موقف السودان الخارج لتوه إقليمياً من دائرة الاشتباه في دعم الإرهاب وبقي له أن يخرج من هذه الدائرة في أمريكا وأمريكا تحديداً تتبنى منطق (من ليس معنا) وتحديداً في ملف الإرهاب وهي دولة مؤثرة في كل المنظومات الدولية والإقليمية التي نتحالف مع بعضها ويعادينا البعض الآخر..
الحكومة تحتاج لصبر أكثر وأطول على المضي في المسار الإيجابي الذي اختارته حتى يحدث أحد أمرين إما أن يتغلب موقف التيار المتوازن في أمريكا وينجح الاختراق أو أن تجد أمريكا في وقت قريب نفسها تتبنى موقفاً عدائياً ضد السودان لا يوافقها عليه أحد وحينها ستسعى هي لتتصدر قائمة المتعاونين مع السودان.. كل شيء وارد، لكن التصريحات السلبية في ملف الإرهاب لا أظنها تعبر عن موقف السودان المبدئي ضد كل أشكال الإرهاب .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

Exit mobile version