عفواً المذكرة حولت للإرشيف.. تلك العبارة تجدها في موقع البيت الأبيض الإلكتروني إن سألت عن المذكرة التي تدعو الرئيس الأمريكي لرفع العقوبات الاقتصادية عن السودان.. وحسب الأعراف الأمريكية يلتزم البيت الأبيض بالرد على أي موضوع حمل توقيع أكثر من مائة ألف نسمة.. خلال حملة التوقيعات تم حذف «06» ألف اسم، وذلك بسبب تقنية ترصد أي محاولة للتزوير أو التصويت أكثر من مرة.. القائمة النهائية حملت حسب الزميلة الانتباهة نحو «711» ألف توقيع.. لنتفترض أن المذكرة وقع عليها نصف مليون مواطن .. وأن البيت الأبيض رد بأنه سيراجع مسألة العقوبات في وقت لاحق.. هل هذا يعتبر نجاحاً.
بإمكان حكومتنا أن تراجع الآليات التي استخدمتها إيران في التفاوض مع الولايات الأمريكية ثم نجحت بامتياز في الخروج من العزلة.. حتى كوبا الجار الجنب لأمريكا تعاملت بواقعية في الخلاف مع واشنطن ثم خرجت من قائمة الإرهاب.. أغلب الظن أن هنالك مقاولاً عرض الفكرة الساذجة على الدبلوماسية السودانية التي كانت تفكر بعقلية البصيرة أم حمد المعروفة في التراث السوداني.
انظروا إلى الطريقة التي تدار بها أمورنا الدبلوماسية.. قبل أيام سافر وفد رئاسي يقوده نائب رئيس الجمهورية لأنغولا لحضور قمة البحيرات.. حينما وصل الوفد وجد أن القمة قد تم تأجيلها.. وأن الجهة المنظمة أبلغت وزارة الخارجية قبل
«12» ساعة.. الغريب أن منسق الزيارة وعضو الوفد الرئاسي هو وزير الدولة بالخارجية السفير كمال إسماعيل.. كان من المفترض تكوين لجنة تحقيق في هذه الفضيحة وقبل ذلك استقالة الوزير.
ماذا حدث عوضاً عن المحاسبة.. الوزير أكد أنه تم تلافي الخلل وعقد نائب الرئيس اجتماعاً مع الرئيس الأنغولي لبحث العلاقات الثنائية.. الوزير كمال أكد أن بلاده تقود وساطة لإصلاح ذات البين بين بورندي ورواندا.. ولأن الفكرة مجرد سحابة دخان، أكد الوزير أن بلاده لا تعلم إن كانت ستقود المبادرة بمفردها أم ستشرك دولاً أخرى.. وهاجم وزير الدولة كمال إسماعيل زميلنا النور أحمد النور رئيس تحرير الصيحة الذي أثار الواقعة التي كان الوزير يأمل أن تكون أحدى أسرار الدولة.
اقرأوا معي ما قاله ذات الوزير.. الوزير إسماعيل وصف القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم «بأن ذكاءه محدود ودرجة أدائه أدنى من الوسط وعليه أن يراجع دفاتره».. ثم هاجم الوزير رجل الأعمال عصام الشيخ الذي استطاع فتح نوافذ في العلاقة بين واشنطن والخرطوم عبر تسيير رحلات لرجال الطرق الصوفية وزعماء العشائر.. بل إنه جمع قبل أيام عدداً من السفراء بمزرعته لم يكن بوسع دبلوماسية كمال إسماعيل فائقة القدرات جمع نصفهم.
في تقديري.. أن من الواجب محاسبة الوزير كمال إسماعيل على تصريحاته التي لا تمت للدبلوماسية بصلة.. ومن قبل ذلك استيضاحه عبر رئاسة الجمهورية على الحرج البالغ الذي وضع فيه مؤسسة الرئاسة التي سافرت إلى قمة غير موجودة بسبب سوء تنسيق هذا الوزير.
بصراحة.. سيحرث وزير الخارجية الدكتور إبراهيم غندور في البحر إن كان هؤلاء هم معاونيه الذين يستلمون الأمانة في غيبته.. أغلب الظن أن هؤلاء يعبرون عن دبلوماسية الصابونة التي كان يقتسمها شعب السودان على قولهم.