من منار عبد الفتاح: سادت حالة من القلق والارتباك الأوساط المصرفية والاقتصادية في مصر، غداة ارتفاع سعر الدولار إلى مؤشر التسعة جنيهات الذي يمثل حاجزا نفسيا مهما.
وواصل الدولار الارتفاع أمس بنحو 15 قرشا في السوق السوداء ليسجل 915 قرشا بعد أن كان في مستوى 900 قرش أمس الأول الاثنين، ما دفع مراقبين إلى الحديث عن «توحش» العملة الأمريكية في مقابل الجنيه.
وثبت البنك المركزي المصري سعر صرف الجنيه أمس في عطاء البنوك في السوق الرسمية بالبنوك، ليستقر سعر البيع للبنوك عند 773 قرشا للدولار، ترتفع بها البنوك بسعر البيع بـ10 قروش للجمهور إلى 783 قرشا للدولار.
وأجمع خبراء اقتصاديون على «أن مواصلة ارتفاع الدولار وسط نقص المعروض، يهدد بخلق أزمات اقتصادية في جميع المجالات الصناعية، وسيؤدي إلى تراجع الاستيراد، وحدوث موجه كبيرة من ارتفاع الأسعار وظهور مشاكل اجتماعية كبيرة، وزيادة نسبة التضخم وتآكل قيم المدخرات بالجنيه في البنوك».
وهددت شركتا (اير فرانس) و (كيه ال ام) الأوروبيتان، مساء الاثنين، الحكومة المصرية بالانسحاب من السوق المصرية مع استمرار أزمة الدولار التي تمنعهما من تحويل أرباح تبلغ 95 مليون جنيه إلى الخارج بالدولار. وأكدت الشركتان أنهما تحققان خسائر منذ عام 2011 إلا أنهما استمرتا في تسيير الرحلات حرصا على البقاء في السوق المصرية، مشددة على أنهما قد حققتا تلك الأرباح منذ عدة شهور ويحق لهما تحويلها إلى الخارج. وكانت شركة (جنرال موتورز) الأمريكية هددت الأسبوع الماضي بالانسحاب من السوق المصرية بسبب الأزمة نفسها.
ومن جهته حذر المهندس أمين مسعود، عضو مجلس النواب المستقل، من الآثار والتبعات الخطيرة والسلبية جراء رفع سعر صرف الدولار، مؤكدا أن الأمر سيؤدي إلى معاناة كبيرة لمحدودي الدخل.
وقال مسعود في بيان قدمه للدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب لتوجيهه إلى المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، إن الموضوع في غاية الخطورة وسيتسبب في زيادة أسعار غالبية السلع والخدمات.
وحذر أبو بكر الديب، الخبير الاقتصادي، الحكومة من قرب حدوث شلل في الصناعة المصرية إذا لم تعمل الحكومة على توفير الدولار اللازم للحصول على عوامل الإنتاج من مواد خام وآلات وذلك في أقرب وقت.
وأوضح «أن عائدات مصر من الدولار، وأهمها قناة السويس والسياحة، لا تكفي احتياجات الاستيراد، وأن استمرار هذه الأزمة سيمثل كارثة لكل شركات السيارات سواء على المدى القريب أو المدى البعيد»، محذرا من «التوقف التام عن العمل والإنتاج والتجميع والاستيراد».
ومن جانبه، قال عبد الحميد إمام، خبير أسواق المال «إن ارتفاع سعر الدولار حتى الآن ما زال في السوق السوداء فقط، متوقعا أن تكون هناك حملة كبيرة لتحريك سعر الصرف الرسمي، وهذا قد يخلق العديد من المشاكل في الاقتصاد المصري» . وأضاف في تصريح له «أن ارتفاع سعر الصرف الرسمي سيؤدي إلى حدوث موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار وظهور مشاكل اجتماعية كبيرة، وزيادة نسبة التضخم وتآكل قيم المدخرات بالجنيه في البنوك، وسيقابل ذلك رفع سعر الفائدة على الودائع والشهادات بالبنوك مما يؤدي إلى احتمال حدوث عمليات دولرة، كما أن قيمة الدين العام الخارجي سترتفع لكونه بالدولار وأيضا ارتفاع قيم خدمة هذا الدين».
وفي السياق نفسه، انتقد المحامي خالد أبو بكر، موقف البنك المركزي والحكومة من أزمة «الدولار»، التي تتفاقم يوما بعد يوم، وأثارت جدلا واسعا في الفترة الأخيرة.
وقال أبو بكر في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «هو مافيش أي تعليق من محافظ البنك المركزي على ارتفاع الدولار؟… ولا تعليق من رئيس الحكومة؟… كده هاتبدأوا تسمعوا تعليق الشعب… وساعتها هاتزعلو«.
وقال النائب البرلماني محمد أنور السادات «إن أزمة الدولار تسببت في حالة من الفوضى في الأسواق المصرية رغم الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة بوقف استيراد عدد كبير من السلع لتوفير الدولار».
وتزامن تفاقم أزمة الدولار مع تصريحات منسوبة إلى رئيس الوزراء المصري المهندس شريف إسماعيل أمس بـ»أنه أصبح من الضروري اتخاذ إجراءات مؤلمة خلال الفترة المقبلة»، في إشارة إلى رفع أسعار المياه وعدد من الخدمات الأساسية.
القدس