في العام المنصرم ، لم تتوقع تلك التلميذة التي اغمي عليها من عقاب معلمتها في مدرسة مايرنو الثانوية بولاية سنار السودانية، ان عقابها ذاك سيكون سببا لانشاء مدرسة ثانوية اخري لبنات جيلها واخواتها الصغار في المنطقة …
وكان عقابها لسبب تافه حسب ما ورد وقتها من التلميذات ، ان المعلمة منعت التلميذات حتي القاطنات بالقرب من المدرسة من الخروج والافطار في البيوت ، لأنها شريكة في مطعم المدرسة وهي تريد منهن الافطار في المدرسة حسب قول التلميذات … وتلك التلميذة لم تلتزم بتوجيه المعلمة ، وافطرت خارج المدرسة … لذا قامت بعقابها عقابا قاسيا مما ادي لسقوطها مغمي عليها ….
اغمائها استفز زميلاتها الحانقات اصلا من القرار ، مما جعلهن يخرجن في مظاهرة عفوية اغلقن بها شارع المواصلات تنديدا بالمعلمة وتصرفاتها … احد الشباب صور المظاهرة ونشرها في صفحته في الفيس بوك دون ان يعلم حتي اسبابها … بعدها انتشر الخبر في الاسافير في كل صفحات ابناء المنطقة داخل وخارج السودان … مما جعلهم يتساءلون عن اسباب المظاهرة ، والامر جعل البعض يكلف احد المهتمين بزيارة المدرسة و تنويرهم بحقيقة ما يجري بدلا عن الاشاعات … والذي عند لقاءه بمديرة المدرسة تلمس من توضيحها مدي البؤس والانهيار الذي وصل اليها حال التعليم في المدرسة وفي كل مدارس المنطقة في المباني والمعاني … وقد واصل طوافه فزار عدد من المدارس ووجد ان القاسم المشترك الأصغر بينها هو مسمي (مدارس) … والقاسم المشترك الاكبر هو البؤس والانهيار شبه التام …. فصول بلا مقاعد وبعضها بلا سقوفات واخري بلا حمامات واخري آيلة للسقوط …. احوال يندي لها الجبين ومعظم المهتمين بأمر التعليم هم اما خارج السودان في المهاجر أو خارج المنطقة بحثا عن لقمة العيش … وآخرون ابعدوا من بحجة انهم من المعارضيين للنظام ولا يسمح لهم بالاقتراب من مؤسسات الدولة …. ومن تبقي هم السياسيون منسوبوا المؤتمر الوطني والذين لا هم لبعضهم سوي المناصب والامتيازات واقامة الفعاليات من اجل الكسب السياسي ، ولا يهمهم حتي لو انهارت كل المدارس ما دام ابناءهم يدرسون في المدارس الخاصة وفي مدينة سنار القريبة جدا للمنطقة …
تنادي ابناء المنطقة واجتمعوا في اول عطلة عيد وعقدوا اجتماعا نوعيا دعوا له كل المهتمين … فاتفقوا علي التحرك في كل الاتجاهات الشغبية منها والرسمية لمعالجة اوضاع التعليم في المنطقة ، وقد اقرت اجتماعاتهم تأسيس مدرسة ثانوية جديدة للبنات تتكون من ثلاث طوابق تسع تلميذات مدرسة اخري مهددة بالتجفيف لعدم وجود مباني لها …. وايضا القيام بصيانة وتأهيل كل المدارس القائمة .. و تكونت لجنة تعني بجمع التبرعات وتنفيذ المخططات .. فكان صور الهيكل المرفقة في البوست هو ثمرة من ثمرات تلك المظاهرة الصغيرة التي قامت بها التلميذات …..
ما ارت توضيححه من سرد هذه القصة هو اهمية التظاهر السلمي للفت انظار الناس والمسئولين لمشاكل مستترة لا يعرفونها ولا يعرفون اضرارها الا بمثل هذه المظاهرات …
وقبل فترة اقر البرلمان تعديلات في القانون الجنائي وقاموا بتشديد عقوبة المتظاهرين والتي تصل الي عشر سنوات … والتظاهر حق كفله الدستوروكفلته كل قوانين حقوق الانسان … الا ان برلماننا وحكومتنا صادرت هذه الحقوق وتركتنا للكبت والقهر دون التمكن من التعبير عن رفض قرار او التنبيه لأي مشكلة مهما كان عظمها وضررها علي المواطن ، مما يقودنا للكبت والانفجار يوما ما قي وجه الحكومة واتباعها ووقتها ستكون الاضرار والخسائر كبيرة …
سؤالي للبرلمان ، كيف كان ستتأسس مثل هذه المدرسة وغيرها ان لم يتم تنبيهنا بتلك المظاهرة الصغيرة والتي حرمتم المواطنين منها …
بقلم
سالم الأمين بشير