سمية سيد : حسم فوضى أسعار الدواء


السودان هو البلد الوحيد الذي يشهد فوضى عارمة في أسعار الدواء.. من الصعب جداً ـــ إن لم يكن من المستحيل ـــ أن تجد نوعاً واحداً من الدواء من نفس الشركة المصنعة يباع بسعر موحد في أكثر من صيدلية، ناهيك عن صيدليات ولاية مجتمعة..
التبرير غير المنطقي عندما تسأل عن فروقات الأسعار، هو أن كل مستورد يتحصل على الدولار من مصدر مختلف، إذ توجد شركات تحصل على الدولار بالسعر المدعوم من البنك المركزي، وأخرى من الـ 10% المخصصة لاستيراد الأدوية من حصيلة الصادر، وآخرون بالشراء من السوق الأسود،
والمؤكد أن هذا التبرير غير صحيح ولا سند له.. لأن الدولة تدعم دولار استيراد الأدوية الأساسية والحصول على العملة الأجنبية من النسبة المخصصة من عائد الصادر، لكن رغم ذلك الدواء يتعرض للمضاربات كأي سلعة في السوق عليها طلب عالٍ..
من الواضح أن الدواء أصبح من السلع المغرية في الأرباح، بسبب ضعف الرقابة على الصيدليات وكأنما سياسة التحرير تعني أن يختار كل مستورد وكل صاحب صيدلية السعر الذي يراه مناسباً، دون مراعاة لظروف المرضى الاقتصادية.. هذه الفوضى زادت من أعداد الفقراء أمام الصيدليات بشكل كبير، يطلبون من المشترين دفع فاتورة الدواء أو المساهمة فيها..
قرار شجاع ومهم اتخذه أمس وزير الصحة بالخرطوم البروفسور مأمون حميدة، بإلزام الصيدليات بوضع ديباجة على الأدوية بالصيدليات، وهو يمثل أهم مبادئ الشفافية ومحاربة الغش في أهم سلعة للمواطن وهي الدواء..
قرار ديباجة الأسعار شمل كل الأدوية في إطار تجويد الرقابة ومحاربة ارتفاع الأسعار غير المبرر للأدوية،
هذا القرار المهم من المفترض أن يعمم في كل ولايات البلاد، ولا يقف عند حدود ولاية الخرطوم؛ لأن كل السودان يشتكي من ارتفاع فاتورة الدواء، وأيضاً من فوضى الأسعار وعدم وجود جهات رقابية لحسمها..
قوة هذا القرار تحتاج إلى قوة متابعة في التنفيذ عبر رقابة دورية، وبلا شك أن العقوبة التي ذكرها الوزير والتي تصل إلى سحب الترخيص، ستكون أهم الأدوات الفاعلة.

Exit mobile version