كنا ﻻ نعرف عن الجماهيرية الليبية إلا الثائر العقيد معمر القذافي.. هو عنوانها الأوحد.. هو نفطها وثروتها.. هو تأريخها المفتوح على سبتمبر الثورة.. وهو مستقبلها.. هو كل شيء فيها.. لا أعرف رجلا يحتقب بلدا في حله وترحاله مثلما كان يفعل العقيد الليبي معمر القذافي !!
* حتى إذا ما رحل الرجل لم يترك خلفه دولة.. فوجدنا رجلا وأبناءه وكتائبهم.. وكتابهم الأخضر ولم نجد دولة.. على أن الرجل بلغ من الجرأة ما يؤهله إلى إنزال كتاب إلى الأسواق والناس.. يزعم أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. هو الكتاب الأخضر !!
* وهذه تذكرني بواقعة طالما احتفلت بها هنا كثيرا.. كنا يومئذ تلاميذ مدارس لما سألني جدنا (أب سادوبة) رحمه الله تعالى رحمة واسعة.. سألني: “هل سووا الشريعة البيضاء؟”.. فقلت “لا، بل الشريعة الإسلامية”. فانتهرني الرجل بقوله: “نان ما ياها الشريعة البيضاء”!! على أنني احتجت لعقد من القراءة والكتابة والاطلاع لإدراك مقصد جدي الأمي.. “تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ﻻ يزيع عنها إلا هالك، كتاب الله وسنتي.. عضُّوا عليها بالنواجذ”.. الحديث الشريف.. فقلت سبحان الله كل الناس أعلم منك يا عمر !!
* قريب من فرعون ليبيا فعلت سيدة قصر قرطاج ليلى الطرابلسي، زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، ذلك لدرجة إذا تعارض نص في الدستور التونسي مع رغبة من رغبات الطرابلسي، يذهب الدستور بنصوصه إلى الجحيم وتبقى رغبات الطرابلسي !!
* العقيد القذافي في لحظة فارقة من تطور الأحداث في بلده قال قولته المشهوره.. من أنتم!! فإذا بجرذان الأمس أبطال الثورة في الغد!! ولم يجد الرجل في نهاية المطاف إلا أن يدخل في (ماسورة) نهره العظيم!! فاليوم لا عاصم من أمواج الجماهير وهدير الثورة إلا من رحم ربي !!
* أكتب تحت تأثير واقعة الأمس، عندما سدد لنا ذات موكب دستوري أحدهم عبارة (يا غبي)!! ذات الغبي الذي سددت له تلك الهجمة الباهظة يجتهد في أن يسدي نصيحة.. إن كانت نصيحة الأغبياء يسمع لها.. على أن الثورات والحكومات لا تحمى بمثل هذه المواكب والحراسات، وإنما تحمى باللطف واللين والعدل والإحسان!!
* ونحن بين يدي ذكرى استشهاد الزبير محمد صالح، يجدر بنا أن نستذكر تلك السيرة العطرة، عندما كان يفاجأ الرجرجة والدهماء في قارعة الطرقات، بأن العربة التي توقفت لهم لم تكن إلا عربة عضو مجلس قيادة الثورة !!
* أستعير اليوم هذا العنوان (هوي يا ليلى هوي) الذي صدر به صديقنا القاص نبيل غالي مدير التحرير، إحدى مقالاته الباهظة إبان الثورة التونسية.. وهو يومئذٍ يسدد مقالة رصينة لسيدة قصر قرطاج ليلى الطرابلسي على الطريقة السودانية!! لعلنا نعتبر!!
* أنا حزين إذ لم يعد نبيل يكتب كما كان يفعل بالأمس.. فأمسك الرجل عن الكتابة عندما جعلت هذه التقنيات كل الناس كتابا !! كثير منهم ماهرون بطبيعة الحال.. وقليل ساء ما يكتبون.. تصبحون على خير..