* الخلافات بين جماعات الغلو والعنف ليست خلافات دينية وإنما هي خلافات سياسية غذتها الأطماع والمصالح الذاتية الأمر الذي يعزز رأينا في ضرورة النأي بالدين عن دهاليز السياسة التي لا تخلو من الأخطاء والمكائد.
*لقد تجسدت الخلافات بين جماعات الغلو والعنف وسط التنظيمات العسكرية التي ترفع رايات إسلامية خرجت من ذات النبع الذي تشكلت منه‘ لكنها دخلت في نزاعات دموية في كثير من البلاد ولم يسلم منها السودان.
* للأسف تفاقمت النزاعات المسلحة في هذه البلاد وأفرزت خسائر فادحة في الأرواح والمنشآت وفتحت أبواب بلادها للتدخلات الإقليمية والدولية‘ وما زالت تعاني من الموت المجاني ودمار المعمار.
*لن أتحدث عن المؤامرات التي يعرفها القاصي والداني التي تنزلت عملياً على أرض الواقع ومازالت تشعل نيران الفتنة بين أبناء الأمة في الوطن الواحد‘ وبينهم وبين العالم من حولهم بهدف إضعاف الجميع.
*كما لن أتحدث عن عمى السلطة التي تغذي النزاعات دون اعتبار لمصالح الشعوب ولاتكاد تستجيب لمساعي الإصلاح والاتفاق القومي وهي تتقوى بذات القوى التي تهدف لإضعافها وخنقها بحبال السلطة نفسها.
*أقول هذا بعد أن قرأت التقرير الضافي الذي أعده لـ”السوداني” الهادي محمد الأمين ونشر على الصفحة الثالثة من عدد أمس الأحد وهو يرصد بعض مآلات الشباب الذين خرجوا من السودان للالتحاق بهذه التنظيمات فوقعوا فريسة للنزاعات السياسية التي أججت بينهم العداوة والبغضاء.
* التقرير أورد معلومات تفصيلية عن بعض عمليات اغتيال هؤلاء الشباب وتعذيبهم وتصفيتهم جسديا وذكر منهم على سبيل المثال القيادي السوداني المنتمي لتنظيم داعش الفاتح جابر”أبوعيشة” القاضي والمسؤول الشرعي الأول بمنطقة النوفلية بليبيا على خلفية خلاف مع تنظيم الدولة الإسلامية بليبيا!!.
*هذه ليست الحالة الوحيدة التي أوردها الهادي في هذا التقرير فقد سبقته حالات كثيرة منها حالة القاضي الشرعي السوداني أحمد عبد الهادي “أبو أنس المهاجر”‘ و”أبو حفص السوداني” الذي اختلفت الروايات حول ظروف قتله‘ و”مصعب” السوداني الذي تعرض للتعذيب والتنكيل داخل محبسه العسكري التابع لداعش‘ ومازن عبد العظيم يس وأنس ح ص و غيرهم ممن لم يعرف.
*هذا التقرير المهم يفتح آذاننا وأذهان الشباب الذين يتعرضون لعمليات”غسيل مخ” وحشو عاطفي سالب يحولهم إلى قنابل موقوتة تستغل في نزاعات سلطوية دنيوية دون أن يسلموا من عميات الغدر التي قد تأتيهم من الذين احتضنوهم أنفسهم.
*نسأل الله الرحمن الرحيم أن يحفظ شبابنا من شباك جماعات الغلو والعنف وأن يتقبل الذين اغتيلوا بليل بواسع رحمته وأن يلهم آلهم وذويهم الصبر وحسن العزاء‘ لأنهم كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعا