الزميل “الفاتح السيد” الأمين العام لاتحاد الصحفيين السودانيين في مداخلة بإحدى قروبات التواصل، قال إن عريساً ذهب مع زوجته سينما قاعة الصداقة وبعد انتهاء الفيلم ذهب إلى البيت وبدأ يبحث عن زوجته إلى أن تذكر أنه اصطحبها إلى السينما، فعاد إلى السينما فوجدها واقفة في الشارع منتظرة. أما الدكتورة “زينب السعيد” فقالت نست طفلتها في المدرسة وبدأت تبحث عنها إلى أن اكتشفت أنها لم تصطحبها معها في العودة، أما شخصي الضعيف فقبل أيام ذهبت إلى المخبز وبعد أن دفعت ثمن الخبز تركته وذهبت إلى البيت، فحينما أردت أن أفتح الباب شعرت أن يدي فارغة فتذكرت أنني نسيت الخبز في محله.. فلا ندري هل ضغوط الحياة هي التي جعلتنا ننسى لهذه الدرجة، أم أن الزهايمر قد بدأ علينا.. بالتأكيد الحياة ومتطلباتها الكثيرة جعلت المرء في حالة نسيان مستمر ولسنا وحدنا الذين أصابنا هذا النسيان، فسيدنا “موسى” في سورة الكهف حينما قال لفتاه: (فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا) صدق الله العظيم.
فالنسيان إذن من الشيطان الذي يجري من الإنسان مجرى الدم، فكل ما يحدث لهذه البشرية يكون الشيطان سبباً أساسياً فيه، ولهذا جاء الزهايمر والخرف المبكر.. وأنا أكتب في هذه الزاوية دخل علىَّ الأستاذ “مصطفى أبو العزائم” حاملاً في يده مادته ليومي (الأحد) و(الاثنين) وكان مصراً أن المادة الأولى ليوم غدٍ (السبت) والثانية ليوم (الأحد)، فبدأت أقنع فيه أن يوم غدٍ هو (الأحد) وليس (السبت). فبدأ يقول لا حول ولا قوى إلا بالله فهناك فرق ما بين النسيان وفقد الذاكرة، فالإنسان ينسى حاجة وقتية كما قصَّ علينا الزميل “الفاتح السيد” بأنه ذهب بعربته لأداء صلاة العشاء وعندما بدأت الصلاة انقطع التيار الكهربائي ولم يعد حتى انتهت الصلاة، وعندما ذهب إلى البيت لم يجد عربته فافتكر أن لصاً قد سطا عليها فذهب وصديقه إلى الشرطة وفتحوا بلاغاً بالسرقة ومن ثم ذهبا إلى الأماكن التي يعتقد أن المسروقات تكون فيها وعندما عادا من جولة طويلة وعادت الكهرباء، اكتشفا أن السيارة واقفة أمام المسجد ولم تتعرض للسرقة.
المرء مشغول باستمرار والمشغوليات جعلت أشياء كثيرة تتداخل فأحياناً الإنسان يكون لابساً النظارة فيظن أنه وضعها في محل لا يعلمه فيبدأ رحلة البحث عن النظارة، فالمرأة والأطفال كلهم يبحثون عن نظارة الأب إلى أن يكتشف أحد الأطفال أن والده لابس النظارة ولم تضع، أو يكون ماسكاً الموبايل في يده ويقوم بعملية بحث أين وضع الموبايل أو من الذي أخذه فيبدأ (يكورك) يا مره وين الموبايل يا ولد شلت الموبايل وديته وين وأخيراً يكتشف أن الموبايل في يده. فهناك كثير مثل هذه القصص التي تكاد تفقد الإنسان عقله، ولكن هو الشيطان الذي أنسانا كل شيء كما أنسى الفتى مع سيدنا “موسى” الحوت.