في أعقاب ختام فعاليات مؤتمر الحوار المجتمعي بولاية الخرطوم وتسليم مخرجاته لرئيس الجمهورية المشير البشير صباح الاثنين المنصرم بحدائق ساحة الشهداء بالقصر الجمهوري، بحضور حشود جماهيرية تدافعت للاحتفاء بالحدث، وتعهد رئيس الجمهورية بتنفيذ هذه التوصيات باعتبار أنها أوامر له من الشعب السوداني، قال إنه سيقف لها تعظيم سلام ويقوم بتنفيذها لأنها وضعت حلولاًَ لكل مشاكل البلاد، هذه الوعود حركت ساكن البركة من قبل المشككين في عدم استطاعة الحكومة في تنفيذ بنود هذه التوصيات وإنزالها إلى أرض الواقع.
زخم سياسي:
وبالمقابل استبعد نائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء معاش فضل الله برمة ناصر التزام الحكومة بتنفيذ توصيات الحوار المجتمعي، مشيراً في تصريح لـ»آخرلحظة» إلى أن الحكومة لاتملك الإمكانيات المطلوبة لتنفيذ توصيات الحوار، وزاد بأن الحوار المجتمعي في ذاته يعتبر زخماً سياسياً عديم الفائدة إثر الانقضاض الذي حدث له من قبل الحكومة على كافة النقابات العمالية والكتل الشبابية والممارسات التي استخدمتها الحكومة حيال هذه النقابات.
تفاصيل التوصيات:
وبدوره قال رئيس لجان الحوار المجتمعي بالولاية المهندس عمر البكري أبو حراز، إن التوصيات التي دفعوا بها لرئيس الجمهورية، تتمثل في محورين، الأول محور قضايا المواطن المتمثلة في غلاء الأسعار وتدني الخدمات الأساسية كالتعليم والمياه و الكهرباء وخدمات الطرق والإنارة و الأمن، وهذه التوصيات ستوضع ضمن أوليات حكومة ولاية الخرطوم، وتعهد أبوحراز بمتابعة تنفيذ هذه التوصيات، وأضاف أن الجانب الآخر من التوصيات يتحدث عن المحاور الستة التي يناقشها الحوار الوطني بقاعة الصداقة، والتي في مجملها تنادي ببسط الحريات العامة وحريات التعبير والحركة السياسية وتوفير العدالة واجتثاث الفساد والتوازن في السياسة الخارجية، بجانب اعتماد السودانية كهوية وحيدة، وأن تقوم حكومة قومية لإدارة البلاد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، كما تتضمن التوصيات السعي الحثيث لوقف الحروب في دار فور والمنطقتين ومحاربة الظواهر السالبة والوجود الأجنبي غير المقنن.
ولكن الأمين العام للحوار الوطني بروفيسير هاشم سالم في تصريحات سابقة لـ«آخر لحظة» نفى علاقتهم بالأمانة العامة للحوار، وأشار من خلال حديثه إلى أن مسؤولياتهم تقتصر على الحوار الدائر بقاعة الصداقة، وقطع سالم بعدم علمه بوجود آلية لتنفيذ مخرجات الحوار المجتمعي، أودمجها ضمن توصيات الحوار الوطني.
نهج إقصائي:
وفي ذات السياق قال القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي ساطع الحاج إن التوصيات التي رفعتها اللجان المجتمعية لرئيس الجمهورية، لاسيما الخاصة بمحاور الخدمات الأساسية التي تهم المواطنيين، كان من المفترض أن تسعى الحكومة إلى تكريسها قبل ستة وعشرين عاماً، وذلك لراحة المواطنين ورفاهيتهم، لكنها فشلت في ذلك، وتساءل ساطع هل تنجح الحكومة اليوم في تحقيق ما فشلت في تنفيذه طيلة الفترة الماضية، واستبعد ساطع التزام الحكومة بتنفيذ مخرجات الحوار المجتمعي، وأرجع الأمر إلى أن الحكومة تعمل وفق منهج إقصائي آحادي يستحيل في ظل ذلك تحقيق أي خدمات أو تنفيذ أي مطلوبات من قبلها تجاه المجتمع.
نبض الجماهير:
ويقول أبو حراز إن الحوار المجتمعي لولاية الخرطوم قصد منه قياس نبض الجماهير الحقيقي للفرد دون التأثير بالتوجيهات السياسية والايدوليجية وهو يضم كل الأفراد في المجتمع غير المنضوين تحت مظلة الأحزاب وهم أغلبية في أي مجتمع ويشكلون مالا يقل عن 80%من المجتمع، مشيراً إلى أن عضوية كافة الأحزاب حالياً لاتشكل أكثر من 16%، وذلك قياساً على الانتخابات التي جرت في السودان منذ العام 1953 وحتى اليوم. وأردف بان جملة الذين شاركوا في مسارات الحوار المجتمعي بلغوا نحو «مليون و989» شخصاً، وأضاف أن كل قطاع من قطاعات الحوار البالغة « 20» قطاعا قدم توصياته وتمت عمليات تنقيحها وصياغتها وان جملة التوصيات بلغت «729» توصية تم توبيبها بصورة متخصصة ورفعت وسلمت إلى رئيس الجمهورية في اللقاء المليوني الحاشد الاثنين الماضي وزاد بان اللجنة المجتمعية لولاية الخرطوم تم تكوينها من قبل مائة شخص من رموز المجتمع البازين وهي تضم في عضويتها فقط خمسة أشخاص من المؤتمر الوطني وبقية الأعضاء هم من رموزالمجتمع في كافة المجالات
فرصة أخيرة:
وأكد أبوحراز أن والي الخرطوم الفريق عبد الرحيم محمد حسين أشاد بعمل اللجنة المجتمعية وقرر امتثالاً لتوجيه رئيس الجمهورية في اللقاء الحاشد استمرار اللجنة العليا في أعمالها للتأكد من تنفيذ التوصيات. ووجه الوالي بتكوين ورش ولجان لفرز كل التوصيات حسب التخصص حتى تكون برنامجاً لحكومتة، وأن يتم ذلك بكل شفافية عبر أجهزة الإعلام المختلفة حتى يتأكد كل مواطن بأن مخرجات الحوار المجتمعي سوف يتم تنفيذها.
تشكيله المجتمعي:
وزاد بأن الخرطوم ابتدرت الحوار المجتمعي منذ شهرين وقامت أعمال اللجان من خلال إيجاد أحياء نموذجية عقدت فيها جلسات ومدولات المحاور المجتمعية، التي تمت ببعض منازل رموز الأحياء ومنها ارتفع الحوارالمجتمعي إلى مستوى الوحدات الإدارية التي بلغت «105 «وحدة إدارية بالخرطوم، و كل وحدة إدارية تضم عدد من الاحياء بداخلها
نكص العهود:
وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعات د.صلاح الدومة من خلال قراءتي السياسية لمجريات الحوار المجتمعي أن الحكومة لاتلتزم بتنفيذ مخرجاته وهذ يرجع إلى أنه طيلة مجريات التاريخ السياسي لحكومة الإنقاذ في أنها لم تلتزم بالوعود التي تقطعها على نفسها، فما بال التي تأتي من قبل الآخرين نحوها، واتهم الحكومة بعدم الالتزام بتوفير مطلوبات الحوار الوطني و المجتمعي والمتمثلة في إشاعة الحريات وإيقاف مصادرة الصحف والتغول على الحريات العامة.
تقرير:أيمن المدو
صحيفة آخر لحظة