نواصل الحديث عن الفوارق بين صحافة مايو والإنقاذ، ففي صحيفة (الأيام) التي كان يرأسها الأستاذ “حسن ساتي” رحمة الله عليه، كان الأستاذ “محيي الدين تيتاوي” يشغل منصب نائب رئيس التحرير بجانب الأستاذ “مرتضى الغالي”، وكان عمنا “الريفي” يجلس في الطابق الثاني مع الأستاذين “تيتاوي” و”مرتضى الغالي”، فعمنا “الريفي” صحفي مطبوع وأثار قضية شغلت الصحفيين وقتها داخل صحيفة (الأيام)، وأجرى مقارنة بين العلم والموهبة في العمل الصحفي، فوجدت جدلاً واسعاً بين الزملاء، فصحافة مايو أو صحيفة (الأيام) كانت تضم عمالقة من الصحفيين آنذاك، بل كانت مدرسة تخرج فيها جيل من الصحفيين الآن بعضهم في الصحف العربية بالمملكة العربية السعودية منهم “عثمان عابدين” رئيس القسم الثقافي بـ(الأيام) وقتها، والأستاذ “هاشم كرار” كان ما بين أقسام الأخبار والرأي والثقافة.
لم تكن هناك خلافات بين الزملاء الصحفيين، ولم نقرأ أن تعرض زميل إلى الشتم أو السب عبر صفحات الجريدتين (الأيام) و(الصحافة)، وكانت العلاقات الاجتماعية قوية بينهم، وما زالت إلى يومنا هذا بين الصحفيين الذين علموا بصحافة مايو، “فيصل محمد صالح”، “محمد الشيخ حسين”، “راشد عبد الرحيم” و”محمود راجي” الذي نال وظيفة كبيرة بدولة الإمارات، و”حسن أبو عرفات”.. هؤلاء جميعاً كانوا بصحيفة (الصحافة). أما صحفيو (الأيام) فمنهم “محمد لطيف”، “فتح الرحمن النحاس”، “عبد الرحمن الأمين” والزميلات “فوزية محمد صالح”، “عواطف صديق”، “إنعام محمد الطيب”، “صباح محمد آدم”، ومنهم كذلك “عوض أبو طالب” و”إسماعيل زمراوي” الآن بالولايات المتحدة الأمريكية، والأساتذة “نجيب نور الدين”، “مصطفى أبو العزائم”، “عيسى الحلو” والراحل “عمر عبد التام”، وحتى سكرتارية التحرير “شادية علي حامد” والراحل “حسن الرضي” و”عثمان مبارك” و”ناهد” وبعض الزملاء بالمكتب الفني، كانت العلاقات بينهم طابعها المحبة والأخوة والصداقة، لم نسمع عن خلافات بينهم، حتى التنافس الصحفي لم يخلق نوعاً من الغيرة أو الحسد بينهم.. والآن إذا التقى أولئك فيما بينهم يشع الحب والإلفة، فالزمن لم يغير فيهم شيئاً رغم طول السنين.
لكن إذا نظرنا إلى جيل صحافة (الإنقاذ) وحسب ما ذكرنا في الحلقة السابقة نجد الروابط الاجتماعية هشة والصراع بينهم أقوى والحقد على الزملاء أعمق، وحب المهنة نفسها فاتر، فجلهم يستعجل المناصب والمال، لذلك تجد الروابط بينهم مبنية على المصلحة الذاتية أو الشخصية، فإذا لم تكن بينك وبين أحدهم مصلحة فلن تدوم العلاقة، لأن دخول المهنة أصلاً من أجل غرض أو مصلحة.. لذا، إذا نظرنا إلى صحفيي (مايو) الآن فقد نالوا حظاً كبيراً من الوظيفة، وعلى سبيل المثال الأستاذ “أحمد البلال الطيب” الذي حفر الصخر ليكون علامة بارزة في الصحافة، وهو الآن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الزميلة (أخبار اليوم)، والأستاذ “مصطفى أبو العزائم” الذي جال بالداخل والخارج وهو الآن يحتل موقعاً رفيعاً في الصحافة، رئيس تحرير الزميلة (السياسي)، والأخ “فتح الرحمن النحاس” الذي تنقل في عدد من الصحف رئيساً للتحرير ابتداء من (السودان الحديث) و(الجمهورية) و(اليوم التالي)، و(البداية) و(المستقلة)، والأستاذ الدكتور “محيي الدين تيتاوي” رئيس تحرير صحيفة (الأسبوع) وغيره من المواقع التي احتلها، والدكتور “مرتضى الغالي”.. جلهم كانوا من المميزين، و”محمد لطيف” رئيس تحرير (الأخبار).