لعبت المرأة السودانية أدواراً مهمة في شتى مناحي الحياة وساهمت بشكل كبير في دفع عجلة التنمية بالبلاد من خلال تقلدها للعديد من المواقع في الوزارات والمؤسسات بكافة أنواعها، وسندفع لك عزيزي القارئ بتجربة فريدة لفتاة سودانية ساهمت بنصيب وافر في مجال التنمية بفكرة رائعة لمشروع إنمائي تموله حلي النساء، حيث رأت أن الذهب لم يعد رمزاً للفخفخة والعظمة والأبهة، بل أصبح منجماً مهماً أمام تقدمنا الاقتصادي، ولذلك من الأجدى أن تتحول مادته المجمدة إلى اقتصاد مثمر نافع ووقود لماكينة تقدمنا الإنتاجي.
تلك الفتاة كانت هي (علوية الفاتح)، وقد أجرت معها لقاءً بهذا الخصوص (سعاد أبوعاقلة)، ونقلناه بتصرف من مجلة (حواء الجديدة) الصادرة في الرابع عشر من يونيو من العام 1969 لفائدة أجيال اليوم بما كان من ماضي مجاهدات ومساهمات أمهاتهم وجداتهم وأدوارهن التي تحتذى.
الفكرة والهدف
تقول سعاد أبوعاقلة في مقدمة لقائها الصحفي مع علوية الفاتح صاحبة فكرة المشروع الإنمائي: كانت فرصة نادرة أن توجهت في السابعة والنصف بالعربة، ومعي زميلتي عصمت وعدسة حواء إلى منزل علوية بالامتداد شارع 31 منزل جميل وبديع التنسيق يدل على ذوق صاحبته الشابة الواعية المثقفة المحدثة اللبقة، حيث ابتدرت حديثها بالقول: الفكرة عبارة عن مشروع اقتصادي في حد ذاته لتدعيم اقتصاد البلد. وتضيف: إننا نحاول أن نكتفي ذاتيا، وفي رأيي أن للمرأة السودانية دوراً مهماً في هذا الجانب، فكل ملابسها غالية للحد البعيد، وهي تأخذ أكبر جزء في عملية الاستيراد وحكومتنا صادقة في نواياها تعمل لتحقيق هذا الاكتفاء الذاتي وبالبلد المواد الخام التي تساعد على ذلك، فلماذا لا يكون لنا دور في مساعدة الحكومة لإنجاز ذلك؟ فقد قدر ذهب النساء في السودان وعلى أقل تقدير بأنه أكثر من 100 مليون جنيه، فأنا لا أظن ولن أتصور بأن كل تلك الكميات ستدخل في التمويل، ولكن في رأيي لو أدخلنا الفكرة، واستطعنا أن نتحصل على 10 ملايين يمكن أن نضع جزءا كبيرا في تمويل المشروعات الإنمائية كفكرة البنك الإنمائي مثلا، وبذا تستطيع الحكومة أن تقترض لإنشاء مصانع ومشروعات تنهض ببضاعتنا المحلية البسيطة وتحسنها، وبذا نكتفي ذاتيا، وبهذا نكون قد أدينا دورين، دور تحسين مصنوعاتنا المحلية، وتناولها بأرخص ثمن كالثياب مثلا، والدور الآخر مساعدة الحكومة بما لدينا من اقتصاد معطل في الاستثمار.
نجاح الفكرة
قالت علوية الفاتح إن نجاح الفكرة حتمي مائة بالمائة إذا وضعت موضع التنفيذ الجاد وستثمر وتؤتي أكلها، وقد سبقتنا في هذا المضمار بلدان كثيرة، ثبت فيها نجاح مثل هذه الفكرة. وتضيف علوية الفاتح عن نجاح الفكرة أن المرأة في كل صعيد وعلى كل مستوى أظهرت بطولات عظيمة وتضحيات جسيمة وأن هذه البطولات ليست بالضرورة أن تظهر في التلفزيون أوالراديو، ولكن في الدور البسيط الذي تقدمه المرأة البسيطة التي تصنع كل مجهود جبار، وإذا أردنا أن ننظر لبطولاتها وصولاتها فلننظر لها في صورة خيرة رجال وبنات البلد. وأردفت: إنني أؤمن ببساطتها وبجديتها وبإذن الله بجهدها، وبقليل من العمل ستنجح الفكرة وسيدعم المشروع، فقد خلقت المرأة للخوض في مثل تلك الميادين، وقد عرضت الفكرة على الكثيرين والكثيرات جدا، وقد بهرتهم جميعهم ولاقت تجاوبا منقطع النظير وقوبلت بالترحاب والأمل.
الإقتناع بالفكرة
سألت سعاد أبوعاقلة علوية الفاتح عن أن السيدة الجاهلة تكتنز كميات كبيرة من الذهب، فكيف تستطيع إقناعها بإدخال ذهبها في تمويل المشروع ؟
فقالت إنها ستعرض عليها الفكرة وتخاطب عقلها وإنها ستستفيد، وسيعود عليها الربح لا الخسارة، فنحن لا نأخذ ذهبها إلا إذا أقنعناها ووصلنا لها الفكرة كما نريد، وفي اعتقادي أن دور الرجل خطير في إقناع زوجته، وسنبين له الجانب الاقتصادي المفيد، ونسأله في أن يوصل لزوجته فكرتنا كما هي، وحتما سنجد القبول من الأزواج، وتواصل علوية الفاتح حديثها بأن فكرتها قد وجدت بعض العقبات في الطريق، ولابد أنها ستجد عقبات أخرى، ولكن بالإصرار والعزيمة ستذلل كل الصعاب.
توثيق – أماني شريف مزمل
صحيفة اليوم التالي