خلفت حادثة الطعن التي نفذها السوداني كامل حسن بحق جندي إسرائيلي في عسقلان الكثير من الضغط على مجتمع السودانيين خاصة والافارقة عامة الساعين منذ سنوات للحصول على الاعتراف من الدولة الصهيونية بهم كلاجئين ومنحهم الحقوق الدولية المتعارف عليها.
الناشط في الدفاع عن حقوق اللاجئين السودانيين معتصم علي للترافع أمام اجهزة الاعلام الاسرائيلية مديناً الحادثة وواصفا ايها بالمعزولة التي ينبغي الا يؤخذ بقية اللاجئين بجريرتها ونفى ما ذكرته الشرطة عن ان الهجوم تم لدوافع سياسية قومية تضامناً مع الفلسطينيين، ويضيف: “إن اصدقاءه قالوا انه كان يعاني من مشكلة عاطفة لفترة ليست بالقصيرة ادت لتدهور حالته العقلية، وقد تدهورت حالته اكثر في الفترة الاخيرة”.
ومضى زميله التوم الحاج ليقدم تفاصيل اكثر عن منفذ العملية، انه من مواليد العام 1984م وهاجر بطريقة غير شرعية الي الاراضي الاسرائيلية عام 2008 ليتم توقيفه في معتقل حولوت في ابريل 2014 الا انه نجح في الفرار منه في مايو 2015، وقال ان منفذ العملية بعد هروبه من حولوت تنقل بين عدة مدن قبل ان يستقر في عسقلان ولفت التوم الي ان حسن بعد خروجه من المعتقل باتت حالته النفسية سيئة واصبح يشكل خطراً على نفسه والآخرين وختم بان تصرف حسن كان معزولاً ولا يعبر عن اللاجئين الافارقة في اسرائيل، مطالباً بألا يتم استغلال الحادثة للتضييق عليهم أكثر.
في المقابل وجدت عملية عسقلان ترحيباً كبيراً من الفلسطينيين والمناصرين لهم، مؤكدين ان الحادثة تعيد بوصلة الاحداث نحو القضية الفلسطينية بفعل الربيع العربي والاحداث اللاحقة له، وانعكس ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي والاعلامي وقد وجد هاشتاق (#الفدائي_السوداني) العديد من التغريدات، وقال المدون د.خالد العيتبي الي ان منفذ عملية الطعن لأحد جنود العدو الصهيوني اثبت للأمة ان فلسطين والقدس للامة جميعا وليست قومية او قُطرية، فيما قال الاعلامي الفلسطيني رضوان الاخرس: “اختلط الدم السوداني بترب فلسطين الطاهر، لقد فتح الشهيد كامل حسن باباً جديدا على الاحتلال وعمليات مشابهة ستجعل الاحتل اكثر حذارً وخوفا من المهاجرين الافارقة وغيرهم.
ومضى مدير مركز دراسات الشرق الاوسط باسطنبول مهنا الحبيل الذي يرى ان عملية عسقلان ستمثل كابوس مرعب للنفسية الصهيونية الي يرعبها معنى الاختراق العربي الشعبي لحصونها ويذكرها بزوالها.
عادة تكتظ محطات الحافلات والقطارات في اسرائيل بالجنود كل صباح الاحد مع عودتهم الي قواعدهم بعد عطلة نهاية الأسبوع وفي تمام لساعة 8:55 صباحاً استل كامل حسن سكيناً وطعن بها جندياً اسرائيلياً كان بجانبه في محطة الحافلات في شارع بن غوريون في مدينة عسقلان الا أن الطعنة أخطأت العنق وأصابت جزء اعلى من الجسد ليولي بعدها هاربا ليقوم جندي اخر كان في موقع الحادثة بمحاولة توقيفه باطلاق ست رصاصات لم توقفه الا مدرجاً بدمائه ليسقط أرضا وينهال عليه عدد من المستوطنين بالضرب مما تسبب له في جروح اضافية قبل ان ينقل لمستشفى برزيلاي وهو في حالة حرجة قبل الاعلان عن وفاته تمام الساعة الثانية ظهراً.
ووصف حسن بانه أول شخص غير فلسطيني يشارك في انتفاضة القدس الحالية، الامر الذي يثير قلق السلطات الاسرائيلية في ظل وجود 8535 سوداني وفقاً لآخر الاحصائيات الاسرائيلية بنهاية العام الماضي.
يعيش معظم السودانيين في تل ابيب وعراد وإيلات وبني براك، بالنظر لتصنيفاتهم السكانية فمعظهم من مناطق نزاعات بالسودان حيث ان 25% منهم من دارفور و15% من جبال النوبة و60% من ما بات يعرف حالياً بدولة جنوب السودان، وكانت لجنة الكنيست الاسرائيلي قد تبنت في وقت سابق توصية بطرد اللاجئين السودانيين في اسرائيل الذين تسلل معظمهم عبر الاراضي المصرية، وتؤكد التقارير ان المستوطنات جميعها رفضت السماح لهم بالسكن ضمن حدوها لذلك تمت اعادة تسفير اللاجئين السودانين الذي حولوا الي بلدة عومر في النقب بعد ان باتوا غير مرغوب فيهم.
وبدأت اسرائيل في استخدام سياسى جديدة تمنح المهاجرين الاختيار لترك البلاد لبلد ثالث افريقي يفترض انه ملاذ آمن او السجن لاجل غير مسمى، ويوجد في اسرائيل حوالي 45 ألف مهاجر الا ان البرنامج لم يحقق المرجو منه. بينما يحذر الخبير الامني حسن بيومي من ان اسرائيل قامت باعداد شبكة من الجواسيس الافارقة من ضمنهم سودانيون وتسعى لاعادتهم بغطاء طرد لاجئين، ويختم حديثه بالاشارة الي ان السلطات الامنية ستكون على حذر خاصة ان العملية بدأت عبر دولة جنوب السودان قبل ان تتعطل بسبب النزاع لتتحول الي يوغندا ورواندا.
ويقول الناشط القانوني والحقوقي نادر موسى ان اسرائل تنتهك التزاماتها التي تفرضها اتفاقية اللاجئين الدولية، ويضيف ان المهاجرين يوصمون بانهم “متسللون” ثم يفصل في طلبات لجوئهم قانونياً بحيث رفض كل طلب، ويلفت الي ان اسرائيل ما تزال تصر على التعامل مع السودانيين على اراضيها باعتبارهم متسللين ، وتستعمل تل ابيب ضد هؤلاء الاشخاص قانون التسلل الذي هو معد لمعاقبة كل من يدخل الي اسرائيل من دولة عدو عندها لا يتم التعامل معه كمن دخل بشكل غير شرعي فقط وانما كمتسلل.
ويرى الخبير في العلاقات الدولية السفير احمد عبد الوهاب ان هنالك خصائص ينفرد بها اللاجئون السودانيون في اسرائيل عن غيرهم من اللاجئين من الدول الاخرى خاصة الغربية منها، ويضيف ان اسرائيل دولة تقوم فيها المواطنة على اساس الدين لذلك يتم فيها نبذ العناصر غير اليهودية التي تدخل اليها سواء لاجئين او عمال.
وفي كل الاحوال يمكن القول ان حادثة عسقلان ستمثل منعطفاً خطيراً في علاقة سلطات الاحتلال مع السودانين المتواجدين على اراضيها ومن هذا المنحنى فان اسرائيل تجد نفسها تحارب على عدة جبهات وهناك مخاوف من اتحاد جبهة الافارقة مع الفلسطينيين لأن في هذه الحالة يسكون من الصعب على تل ابيب حماية مواطنيها من العمليات الفردية التي تتم بدون تخطيط وبمعزل عن جماعات او تنظيمات بعينها، وهنا سيتعزز صوت التيار المنادي بطردهم وابعادهم عن أراضيها وهو ما يعني ان الاصعب للسودانيين في اسرائيل لم يأت بعد، وان الاصعب سيكون في مقبل الايام لا سيما وان شبح الاشتباه يطاردهم منذ وصولهم.
محمد عبد العزيز
صحيفة السوداني