احمد طه الصديق : وزارة للسعادة

> أعلن الإثنين الماضي رئيس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن بلاده استحدثت منصب وزير دولة للسعادة، مهمته الأساسية مواءمة كل خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع، بالطبع من الطبيعي أن تخصص دولة الإمارات وزارة للسعادة بالنظر إلى حالة الرفاه التي تنتظم البلاد وينعم بها شعبها، فمثل هذه الوزارة لا يستقيم وجودها مع الدول التي تصارع من أجل إطعام شعبها وترسيته من خانة الكفاف إلى خانة تلبية الضروريات كأضعف الإيمان. وكان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو «في العام 2013 تشكيل وزارة جديدة للسعادة في البلاد»، لافتاً إلى أن «الوزارة الجديدة سوف تحمل اسم «وزارة السعادة الاجتماعية لشعب فنزويلا»، والتي سوف تسعى إلى توفير احتياجات المواطنين من كبار السن، رجالاً وسيدات، وتنفيذ برامج الرفاهية الاجتماعية». صحيح أن مفهوم السعادة الداخلية يختلف لدى المسلمين عن غيرهم باعتبار أنها ترتبط بالقناعة والرضاء بالمقسوم وما يسطره القدر من ابتلااءات، لكن الرفاه المادية المتمثلة في معايش الناس وتوفير احتياجاتهم هي شيء مختلف، من هنا فإن سلم الأوليات وعدم حرق المراحل يمنع كل الدول التي تتلمس طريقها نحو تأسيس بنياتها التحتية وتوفير الغذاء ولقمة الطعام للجياع وجرعة الدواء للمرضى وترقية التعليم وإشاعته بين القرى والفرقان، يمنعها من رفع هذا الشعار المترف الذي يُخاط من ثياب الكفاية.
> أي، لا يمكن لدولة مثلاً ترتفع فيها نسبة الفقر والأمية وتفشي الأمراض المستوطنة والسرطانات وأمراض الفشل الكلوي، تتلبسها حالة من الفشرقة والعنتظة وتقول أنا كمان عايزة أخصص وزارة للرفاه والسعادة «المادية». ونحن في السودان نحن خائفون في قمة اندفاعنا نحو السلوك الأمبيي في شرنقة الوزارات والوظائف الدستورية، أن نعلنها في القريب العاجل ونسكن فيها واحداً من الأحزاب إياها ما إنو لسه لدينا مشكلات مزمنة في المشروعات الزراعية، وما زلنا نبحث عن سنة أولى كفاية، وبعض مدارسنا تفتقد حتى الأسوار والمقاعد، وتعاني من نقص الكتب وتعجز عن دفع فاتورة الكهرباء، وعدد من مصانعنا وشركاتنا توقفت وأخرى متعثرة وخريجين كثر احتضنتهم المهن الهامشية بعد أن تعذر توظيفهم في الحكومة أو القطاع الخاص الذي يعاني من مشكلات هيكلية وعارضة مثل الرسوم والجبايات وارتفاع مدخلات الإنتاج، وطرقنا تحاصرها المطبات وتغرقها في كل حين مياه الأمطار، بينما تتمدد مياه الصرف الصحي في مرات عديدة في قلب الخرطوم، وما زال هناك نقص في الطاقة الكهربائية رغم تشييد سدود.
> ومن الطرائف والغرائب، أنه قبل أن نعلن أنفسنا بأننا لدينا اهتمام بالرفاه والترفيه على المواطنين، فاجأت وزارة المالية بولاية الخرطوم إبان الاحتفال بمناسبة الاستقلال المجيد والعام الجديد قبل عامين، المركبات بفرض رسوم دخول لغابة السنط بالخرطوم أسمتها رسوم ترفيه. حيث تم فرض مبلغ «22» جنيهاً لكل حافلة كبيرة ترتاد الغابة، بينما فرضت مبلغ «11» جنيهاً للصغيرة، وقامت بالجباية المدهشة الهيئة القومية للغابات، لكن بواسطة أورنيك «15» آنذاك، كما أشارت بعض الصحف، وبذلك تصبح هذه الجباية إضافة جديدة لموسوعة جينيس للجبايات في السودان من حيث الغرابة، ويبدو أن أحد مستحدثي الجبايات وعباقرتها، فكر وقدر وأراد ألا تخرج الولاية من هذا المولد بدون حمص جبائي، فقال«الناس الكتار ديل البخشوا الغابة معقول بس يرفهوا مجاناً»؟
> عشان كده لو في وزارة للسعادة من هسه اتحسسوا جيبوكم وربنا يستر.

Exit mobile version