الخطأ لم يحدث في الدوحة بل بدأ منذ أبوجا التي أقرت بمبدأ تمييز الشكل الإداري لدارفور وإحالة القضية للاستفتاء، ولذلك كانت الدوحة هي مجرد امتداد أو قل تطوير لاتفاقية أبوجا، في هذا الملف .
لكن مثلما بدأ الخطأ في الجنوب من إقرار مبدأ حق تقرير المصير والذي قاد للانفصال وهو خطأ عام يشمل كل النخب السودانية الحاكمة والمعارضة لأنه مثلما نصت اتفاقية السلام على حق تقرير المصير لجنوب السودان والذي قاد للانفصال فإن القوى المعارضة كانت قبل ذلك قد أقرت في مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا عام 95 بحق تقرير المصير لجنوب السودان بل أقر مؤتمر أسمرا بتقرير المصير كحق أصيل وترك ضمناً الباب موارباً لأي إقليم آخر للمطالبة بهذا الحق حيث أن مناطق الحرب الأهلية في ذلك الوقت كانت محصورة في الجنوب وجبال النوبة ومنطقة أبيي ولم تكن دارفور قد دخلت على الخط .
الخطأ الذي يتيح الفرصة للانقسام والانفصال يبدأ بما يسمى بحق تقرير المصير وحقوق الاستفتاء الاستثنائي لمواطنين داخل البلد حول خيارهم الإداري والسياسي والسيادي أيضاً بسبب الأزمات والحروب .
استفتاء دارفور الذي بدأت عمليات التسجيل له الآن هو استحقاق لا مفر منه برغم عدم وجود تفاعل معه في الساحة السياسية لكن لو خرجت نتيجة هذا الاستفتاء بخيار الإقليم الواحد فإن ذلك يعني ابتعاد دارفور خطوة كبيرة عن بقية أجزاء السودان.. خطوة تمييز إداري مؤثر جداً على وحدة ما تبقى من السودان .
هذه مخاوف جدية حقاً لأن خيار الإقليم الواحد برغم أنه يفيد معنى توحيد أجزاء مختلفة تحت مظلة واحدة لكنه في الواقع هو المعنى الوحدوي الذي يفيد بالانفصال..!
هي الوحدة التي تقود للانفصال فبعد أن تنتهي أسطوانة توحيد الإقليم سيبدأ تشغيل أسطوانة المطالبة بالحكم الذاتي في دارفور بعد حين..
ولذلك فإن الحكومة في حالة خروج هذا الاستفتاء الإداري بقرار الإقليم الواحد فإن عليها أن تعمم هذا التقسيم وهذا الشكل الإداري على جميع أجزاء السودان بأن تعود مرة أخرى إلى نظام الأقاليم الكبرى وبنفس الوضعية الإدارية لدارفور وبدون استفتاءات للشكل الإداري في تلك الأقاليم..
فهذا يزيل الفارق الإداري بين شكل دارفور وبقية السودان، وحينها قد يشكل ذلك وقاية مما يترتب على تمييز وضعية إقليم دارفور عن بقية أجزاء السودان إدارياً وبالتالي يخفض كثيراً من نزعات وأهواء المطالبين باستقلالية تلك الأقاليم عن السودان بطريقة أو أخرى .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.