عبد العظيم صالح : الحاج ..في حلة ود الحاج

العربة الكورية الصغيرة تقطع بنا الطريق في دلال وحذر، محدثنا الأساسي في الرحله قادما لتوه من دارفور..
عاد في زيارة قصيرة وينوي العودة لعمله والمرتبط بأهم حلقة من حلقات إعادة الأمن والاستقرارهناك.. في توصيفه للحالة قال: إنه يستغرب كيف فات علي الناس ايجاد الحل هناك.. الخير موجود والزرع ينبت، حتي على سطح المباني المعروشه بالزنك)..قلنا له ..والحل.؟. سكت طويلا ونحن نتأمل الفيافي( البائسة) على جانبي الطريق.. ربما سأل أحدهم لماذا لا يتمرد الناس هنا إذا كانت القصة تنمية؟ الطريق يتلوى كأفعي.. قلت لنفسي وأنا كثيرا ما أحدثها عندما أكون هنا.. يا ذاكره المكان… كم من جحافل وجيوش مرت من هنا. ؟ من لنا بحكايات زمان لنقارن، ندخل حلة ود الحاج.. اللون الأصفر الغامق.. خط واصل بين كل مكونات العناصر في هذه القرية التي تحبها أمي ، وتتعلق بها فهي تنتمي لهذه الوجوه الطيبة ولهذه الارض التي ارضعتنا منها احلي الحكايات.. جئنا لحضور مناسبه زواج. في مثل هذا المكان ووسط هؤلاء، في الخرطوم تحتار من هو صاحب الدعوة ؟ ..ولمن يتبع المكان والصيوان..؟
نتبادل نخب (النعيميه).ونرتوي من كؤوس الطيبه و(المحنه) نتلقي الكثير من ضربات (السلام).علي ظهورنا واكتافنا والايدي القوية تشد علي سواعدنا وتكاد تكسرها. لقد تعودنا في المدينة علي السلام البارد وكثير من المشاعر الملونة ولا اقول الخبيثه. اتذكر الآن صديقي المصري في الغربة (عبد الحليم) .لقد قال لي ذات يوم وهو كعادة المصريين، كثير الانتقاد لنا. ياعمي. انتوا ليش ما تجيكم آلام الظهر. وانتوا عمال بتخبطوا فوق بعض يا عمي ده اسموا سلام ولا تنجيد فرشات. اليوم كلوا انتوا يا سودانيين تخبطوا فوق بعض وتقولوا ده سلام أيامها ضحكت وانا اقول له يا عمي ده السلام من الداخل.
اتفرس في الوجوه. الارهاق يرسم ملامحه بمهارة. والة الزمن تولت (تنجيد) الباقي.
عندما كنا نحضر فى الإجازات مع امي. اغتنم زمن الرحلة المتاح وننداح مع أقراننا ..نسعي للتعويض.. ما نخلي حاجة ما نهبشها. نتسلق. ندلي التحتانيه.
لازلت اذكر تلك العربة الفارهة.. التي أهداها لي خالي عوض. كذلك خلف الله ود الإحيمر أهداني واحدةمن ذات الطراز. بل تتفوق علي عربه عوض بالريشه المثبته في (الكبوت)
السيارات كلها يتم تصنيعها وليس (تجميعها).في حله ود الحاج.
في احدي المرات اصريت علي شحنها معي للخرطوم بصحبة(راكب).قاومت كل التهديدات والاغراءات والتوسلات علي شاكله(تختها وين. يا ولد)
اقترحت ان احملها معي وتابطتها شرا كالبطة. حتي وصلنا وجهتنا
ورغم أعجابي بانتاج بلدنا إلا أن عربتي واجهت انتقادا وسخرية شديدة فالسيارات هنا من ذوات الدفع (الامامي) .يعني السائق يدفعها امامه بي (قناية) وصوت المحرك ينبعث من فمه (نانق)..أما عربة ( أخوالي) فهي من ذوات الدفع (الخلفي) .تربطها بحبل وتجرها وراك. وحتما سيضيع صوت المحرك (نانق)لانك مضطر للالتفات للوراء واستعدال. العربية الكل مرة مقلوبة.
أمس الأول تناولنا في حلة ود الحاج بعض من حكايات ..وضحكنا كثيرا ولكني اختم بضحكتين. الأولي عندما سالتهم الفنان منوا الليله؟
قالوا أحمد حسن صالح
قلت اذن سهرة حتي الفجر
قالوا بحسره.. الحفله مقيدة بتصديق حتي الساعه11.
قلت لهم وهل يفعل الحويج كذلك مع مهرجانات السياحة.. ولياليها.. ضحكت والله علي سريان النظام العام ولوائحه في ليالي الريف الفسيحة والرحبة.
والضحكة الثانية عندما سالت عن الزراعة. قال قريب لي.. الحاجة الوحيدةالناجحة المسكيت تعرف لماذا?
قلت. لماذا?
قال.. عشان ما زرعته الحكومة.

Exit mobile version