خلونا نتفق أن واقع الصحة الآن في السودان، واقع مأزوم يدعو للحزن والألم، ورغماً عن ادعاءات وبطولات المسؤولين عن الصحة، إلا أن ما يقولونه شيء وما يحدث على أرض الواقع شيء مختلف تماماً، والوضع المأزوم هذا عصف بكل أبجديات ومعطيات المشهد الصحي في البلاد، بدءاً من المستشفيات، مروراً بالأجهزة الطبية والأدوية حتى نصل إلى وضع الطبيب نفسه الذي هو رمانة الميزان وأس المعادلة، وما عادت شكوى الدكاترة خافية على أحد من قلة المرتبات والمخصصات وما إلى ذلك من التفاصيل التي تجعله يؤدي عمله مرتاح البال، وعلى فكرة حكاية مرتاح البال دي لو أسقطناها من على أي مهنة في بلدنا دي فلن نجد شخصاً شغال بمزاجه أو يحمل قدراً من التفاؤل الذي يمنحه طاقة إيجابية تدفعه لمزيد من العطاء والإنجاز، والمرتبات صغرت بحجم (النملة) أمام (جبل) المنصرفات والمتطلبات اليومية للبني آدم وأسرته، لكنني دائماً أقول إن وضع الطبيب حساس للحد البعيد، لأنه يمارس مهنة تتعلق بأهم ما يملك الإنسان وهي صحته وحياته، وبالتالي هم من أكثر الفئات وشرائح العمل المابنفع تشتغل وفقاً للحالة المزاجية، لأن الموظف مثلاً لو زهج أو زعل أسوأ ما يمكن أن يفقدك إياه هو أن تضيع أوراقك أو تفقد موعداً مهماً، لكن الطبيب لو تعامل بذات الحالة المزاجية (العكرة) فستفقد عضواً من جسدك عيناً أو رجلاً أو يداً وربما حياتك نفسها، لذلك أقول إن إبداء الكويت رغبتها في التعاقد مع أطباء سودانيين (وكلنا نعلم يعني شنو الدينار الكويتي)، هو خبر السرور عند الأطباء وخبر السواد والرماد للغبش الذين أصبح رهانهم الأخير على شطارة الطبيب السوداني الموجود في المستشفى الحكومي، أو وحدة الطوارئ لمن لا يستطيعون دخول المستشفيات الفندقية من ذوات الخمس نجوم، وعلى ذكر المستشفيات دي خلوني أبدي كامل استغرابي للإشادة التي يجدها الدكتور “مأمون حميدة” وزير الصحة الولائي للحد الذي جعل أحد أعضاء المجلس التشريعي يبلغ عن رؤيا أوصاه فيها “المصطفى” صلى الله عليه وسلم، أن يسلم على “مأمون حميدة” كده حتة واحدة، أقول إنني أستغرب ووضع المستشفيات التابعة لوزارة الرجل تدهورت للحد الذي جعلها شريكاً في المرض وليس العافية بأي حال من الأحوال.
قبل أيام قدر لي أن أزور مستشفى الزيتونة لمعاودة أحد المرضى، وأشهد الله أن المستشفى نظيف للحد الذي لو (ملحوا) ليك في الواطة تأكل، وفي هذا لا بد أن أشيد بالقبضة الإدارية الحديدية التي تحرص أن تجعل المستشفى بهذا المستوى، لكنني قبل ثلاثة أيام رافقت مريضاً إلى مستشفى حاج الصافي ومنذ دخولي إلى عتبة الباب تأكدت أن شيئاً غير طبيعي يحدث في المستشفى الذي أصبح مركزياً، وسألت عن مدير المستشفى دكتور “علاء الدين” وعلمت أنه مسافر والرجل معروف عنه الحزم والربط ويبدو أنه سافر بي هنا والفوضى ضربت بي أطنابها بي هنا، والأكياس الفارغة تملأ باحة المستشفى في مشهد مخجل، أما معمل الفحص فحدث ولا حرج ورائحة (الزفارة) تزكم الأنوف والقطن امتلأت به سلال القمامة بشكل مقزز، أما الطوارئ فيكفي أن أقول إنني نفدت بجلدي والدماء تغطي الأرضية والحقن الفارغة كذلك، طيب يا جماعة الزيتونة بشرف عليه بروفيسور “حميدة” و”حاج الصافي” أيضاً يشرف عليه “حميدة” المشكلة وين ليكون الأول فندقاً والتاني أقرب للكوشة، هل الوزير مهتم ومتابع ومراقب لبزنسه الخاص أكثر من بزنس الحكومة الما بشيل ماهيته واللا ورونا الحاصل شنو؟؟
في كل الأحوال أقول إنني لن ألوم الأطباء إن بحثوا عن وضع أفضل ودراسة الطب نفسها أصبحت مكلفة حتى لو كان ما يقدم للطالب من داخل الجامعة يوازي المبالغ التي تتحملها الأسر، ويا بخت الكويت ومثيلاتها البنديهم أولادنا دكاترة الهناء جاهزين ونحن نتفرج!!
{ كلمة عزيزة
أنا متابعة جيدة للفضائيات السودانية وأكاد أبصم بالعشرة أن المذيعة التي تمتلك نواصي الثقافة والمعرفة واللباقة والقدرة على الحوار هي الآن فقط “ملاذ حسين خوجلي” بفضائية أم درمان، لكن “ملاذ” لا تجد الاهتمام والملاحقة لأنها لا تجيد رسم الحواجب وإرسال الخصل التائهة، برافو “ملاذ” وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
{ كلمة أعز
مهرجان البركل (العالمي) فشل في دعوة فنان عربي واحد يمنح لياليه طعم (العالمية) المفترى عليها وغداً لي عودة.