العنوان أعلاه مستلف من المقولة الشهيرة في التاريخ الإسلامي (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن)، وقد ذكرتني بهذه المقولة عبارة للأمين العام للحوار الوطني بروف هاشم، وردت في ثنايا الحوار المنشور أمس بالغراء (ألوان)، وعبارة البروف تقول (الحريات المتاحة في قاعة الصداقة غير موجودة في أي بلد عربي ولا أفريقي، وزاد قائلاً (وكنا داخل القاعة نتيح حرية كبيرة جداً بلا حدود، ليقول كل مشارك ما يريد، وبالتالي لم يكن هناك سقف للحرية على الإطلاق، الجميع يقول ما يشاء ولا حجر على رأي إطلاقاً).. لا رغبة لنا هنا بإيرادنا لعبارة البروف في مغالطته حولها، فنحن موافقون عليها ولا شك عندنا في أنه صادق فيها، غير أن ما نريد المجادلة فيه هو لماذا تتمتع قاعة الصداقة وبضع المئات من المشاركين في الحوار بكل هذه الأريحية في الحرية، فتصدق عليها المقولة التاريخية المار ذكرها بشيء من التحوير يناسبها مؤداه (من دخل قاعة الصداقة فهو حر وآمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن أغلق فمه فهو آمن)، بينما لا يقارن الوضع خارج القاعة بحيث يتعذر على من يقول كلاماً داخلها أن يقوله في شارع النيل المقابل لها، ولو فعل لتمت جرجرته ومساءلته وربما اعتقاله، ولماذا تستأثر قاعة مهما اتسعت بهذه الميزة التفضيلية، بينما تحرم منها البلاد على اتساعها، فالحرية أيها الأمين العام وكل المتحاورين كل لا يتجزأ، وهي قيمة تحب الهواء الطلق، وترفض القاعات المغلقة والاحتفاليات المدفوعة الأجر، الحرية مهرجان في قلوب الناس ووجدانهم تلتحم مع الشارع ولا يجب أن تبقى رهينة القاعات والمكاتب المغلقة، هذا إذا ما كان المراد لهذا الشعب التطور، ولهذه البلاد التقدم والرفعة، فإذا كان ذلك هو المراد حقاً، فعندئذٍ لا قضية تعلو على قضية الحريات التي لا بد أن تتقدم على كل القضايا وقبل أي هدف لا يمكن تحقيقه إلا إذا ما امتلكت الشعوب حريتها في التعبير والتنظيم واختيار الحكام ومحاسبتهم، وبذلك سيقوى المجتمع والدولة بقوة الشعوب المشاركة بقوة في صنع حاضرها وتقرير مصيرها والتطلع لمستقبلها.