التاسعة بتوقيت المحلية، أجراس إخلاء قرعت لفض ممرات السوق المزدحمة، ابتداءً من المحطة الوسطى موقف التاكسي التعاوني وحتى شوارع الصياغ، التيما، الشوام والعناقريب.. أنقاض ملأت المكان وفاضت على الأرض، وتجار رُدّت إليهم بضاعتهم قبل عرضها وآخرون مقيدون بالأصفاد لممانعتهم واعتراضهم على ما حل بهم فجأة وبدون مقدمات.
وحول تداعيات الكشة المفاجئة يقول أمير باشا، صاحب محلات وتاجر بسوق أمدرمان: هناك مناظر وأحداث لا تليق بالعاصمة القومية مثل الباعة المتجولين والفريشة والمتسولين الذين استولوا على شارع السوق، وأصبحوا أكثر من المارة والتجار، مما خلق ضيقاً وزحاماً كبيراً في المحطة الوسطى وما جاورها من شوارع وأماكن، مشيرا إلى أن السوق في ستينيات القرن الماضي كان يوجد فيه عسكري واحد يسمى (مصطفى الكتيابي) مسؤولا عن حركة الشوارع والدخول والخروج من أمدرمان، مضيفا وقتها كان سوق أمدرمان أقل زحمة وأكثر نظافة يرش بالماء ويكنس كل صباح، أما الآن فأصبح أكثر تكدسا واجتاحته الأكياس والأوراق من كل جانب لتتعسر حركة المشاة عوضا عن العربات التي لم تعد تصل حتى أوسط السوق، الذي شبهه بسوق أم دفسو.
إزالة جماعية
ويواصل أمير حديثه قائلاً: سبب الزحام ما هو إلا من الذين أزالت المحلية أكشاكهم ورواكيبهم، وهم في اعتقادي أصحاب الضرر البالغ رغم أنهم يدفعون رسوما شهرية للمحلية، ولا تطالبهم جهة أخرى بأي مبالغ، فتكاثروا وانتشروا فشملتهم الإزالة، إضافة إلى الباعة المتجولين وأصحاب الطبالي الصغيرة وحتى الدكاكين تمت إزالتها. وأردف: رغم أن الخطوة محمودة وتساهم في تسهيل الحركة، إلا أن لها جوانب أخرى سلبية، حيث أنها قطعت أرزاق صغار التجار، من واقع أن مصادر رزقهم كانت تأتي من جوالات الرواكيب أو تحت ظلال الطبالي الصغيرة.
لعنة الإزالة
جاء إلى السوق صباحا ليفاجأ بأن محله أصبح كوما من الأنقاض.. محمد الرفاعي، تاجر وأحد المتضررين من قرار المحلية يشير قائلا: قرارات كثيرة تصدر دون دراسة، ولا تخضع لقياس أبعاد تجعلهم ينظرون للآخرين بعين الاعتبار، على أنهم لا يملكون مصدراً غير راكوبة أو طبلية، إلا وكنا تركنا مضايقات المحلية وجهجهة السوق وتذبذب الأسعار وغيرها من المشاكل التي تواجها كصغار تجار، إذ جاءت التسمية. وأردف: نحن نبيع بسعر أقل في وقت تباع فيه ذات البضاعة بضف السعر في محلات أخرى، ونحن نسترزق بأقل الخسائر ولا نسعى للطمع، فكيف لنا أن نصبح بلا مهنة ولا حرفة نكتسب من ورائها دخلاً في وقت تحارب فيه الحكومة البطالة، وتحد فيه من السرقة، وتهدم فيه مصادر الدخل. وأضاف: ليست هناك رؤية واضحة ولا حل مُرضٍ رغم أننا ندفع شهريا مبلغاً وقدره للمحلية.
تسهيل الحركة
للمعتصم بالله – مواطن – رأي مخالف تماما، فهو يرى أن ما قامت به المحلية عين الصواب، فقد سهلت حركة الدخول للناس، مؤكداً أنه سابقاً كان يقضي نحو ساعتين لشراء منتج واحد. وتوقع المعتصم أن تكون الحركة أكثر انسيابا، على أن يُعوَّض المتضررون من الإزالة في أماكن تمكنهم من مزاولة مهنتهم، وربما ما لحق بالتجار من ضرر كان أكثر منفعة لفئة ذات دخل قليل، حيث انتعشت الحركة عند أصحاب الدرداقات الذين باتوا يعملون بكل راحة.
درية منير
صحيفة اليوم التالي