لم يخرج المواطن من دائرة مطالبة وزير المالية نهاية العام المنصرم برفع الدعم عن القمح والوقود والكهرباء (تدريجياً) خلال موازنة هذا العام، للإسهام في توفير الموارد اللازمة لتوجيهها للإنتاج الزراعي والصناعي وزيادة الأجور ودعم الأسر الضعيفة وتخفيض نسبة الفقر التي تصل الى نحو 46.5 إلى جانب إيقاف الانهيار الاقتصادي القائم؛ إلا وأعقبه بقرار أشد وقعاً وتأثيراً على كل مناحي الحياة بزيادة سعر الغاز ضعفي السعر الأساسي ليصل إلى 75 جنيهاً بدلاً من 25 جنيهاً.
قرار كهذا يجب أن تسبقه دراسة مستفيضة لمآلاته وتأثيره على واقع سير حياة المواطنين، فهو لا يتخذ فقط جانب الغاز وإنما يمتد لأطراف أخرى أكثر ضرواة على حياة المواطن متمثلة في أنه سيصبح (شماعة) يعلق فيها كل تاجر أسباب جشعه في رفع الأسعار من خبز وغيره وكل ما من شأن الغاز أن يصبح شريكاً فيه.
> الخرطوم حتى الآن لم يبرد دم انعدام الغاز واختفائه من المستودعات ومحال التوزيع ليجعل مواطني العاصمة في حالة بحث دائم دون أي فائدة على الرغم من تدخل جهات رسمية لأجل التحكم بأسعاره ومنافذ بيعه وما زالت بقاياه موجودة في بعض الولايات فتأبى نفس ماليتنا المصون إلا وأن تضغط على الجرح من جديد بدلاً من أن تضع حلولاً ناجعة لها.
> الأزمة الاقتصادية تثير حالة من الاستياء واسعة النطاق لا تشمل الساسة وأصحاب الفكر والمهتمين بالشأن الاقتصادي، بل ان إسقاطاتها تقع على عاتق المواطنين بشكل مباشر وفضلاً عن ان تسعى الجهات المعنية بتخفيف هذا العبء تسعى لاضافة حمل جديد ينوء به كاهل المواطن الذي رغما عن كل ما يحدث يكابد الصعاب لتوفير متطلباته دون أن ينبث ببنت شفة، فكيف به الحال بعد أن تم رفع قيمته لضعفي سعره الأساسي!!.
> إذن هي أزمة متجددة تلوح في الأفق بعد اصدار القرار والذي لا ندري ما يخبئه وراءه من احداث قد يستعصي السيطرة عليها او التحسب منها، سواء ان كان على مستوى السوق بارتفاع الاسعار أو بارتفاع وتيرة الجشع لدى التجار بعد أن تنصلت وزارة لجنة الطاقة والتعدين بالبرلمان وتخييرها للشركات في مسألة تسعير الغاز واستدراكها بالقول أنها تسعى لإغراق السوق بالغاز لبتر الأزمة الطاحنة مؤخراً، والذي قد يعطي هذه الشركات الضوء الأخضر بوضع هامش الربح الذي يتناسب وطموحاتها حتى وإن كان خصماً على المواطن؛ وما بين قطع بنك السودان بعدم توفيره لأي عملات أجنبية للشركات للاستيراد ينفتح جرح آخر تنوء به سلعة الغاز.
> كيف يعقل يا وزارتي النفط والمالية أن يشهد العالم انخفاضاً كبيراً في أسعار النفط مما يعني أن كل مشتقاته إن لم تكن مجانية للمواطنين تصبح بأسعار في متناول أيديهم خاصة أن الأزمة لن تمتد طويلاً، ونتفاجأ بقرار كهذا تزيد من حالة الهلع وسط المواطنين وهم يعون تماماً ما يدور في العالم وليسوا بجاهلين للأوضاع الاقتصادية.
رباب علي
الانتباهة