خالد حسن كسلا : اتحاد الصحافيين و الأوكسجين

> الصحافة والحكومة واتحاد الصحافيين والقراء.. أطراف في قضية واحدة.. فهي إما قضية معركة أو قضية معرفة. معرفة الأخبار .. والمعلومات.
> القراء يشترون الصحيفة والاتحاد يسعى لمعالجة مشكلات تعتريها والحكومة بين المخاوف والالتزام تقف أمام الصحافة فهي بين النجاح والفشل في السوق ينحرف أحياناً قطارها من قضيب المهنية. ويأتي «الاستياء الحكومي».
> هل اتفق كل أو أغلب قراء الصحف مع الحكومة في الاستياء من بعض النشر الصحافي أم أن القراء لا يتأثرون بما تتأثر به الحكومة؟!.
> ليس كل القراء طبعاً ضد الحكومة.. ومن ليسوا ضدها ليس كلهم معها.. فهم في منطقة مستقلة.. والاستقلال هنا بمعنى أنك لست مع حزب حاكم أو معارض.
> وبين الصحيفة والقراء عرض وطلب.. لكن بين الأولى والحكومة..لا نقول معارك فقط.. فمع المعارك في صفحات أخرى دعاية لصالح الحكومة.. والاستياء الحكومي إذن.. يكون من بعض الصفحات. ولكن بالتحديد الاستياء من ماذا؟.! هل من نشر حقائق تضيق بها الحكومة ذرعاً؟! هل من نقد لاذع يؤلم صناع القرار؟ .!هل من تخوف من تهيئة الشارع لأمر ما ؟.!
> طبعاً لا سبيل إلى تحقيق تغيير من خلال مساهمة صحافية على غرار ما كانت تفعل صحيفة «الراية» في ثمانينيات القرن الماضي.. وهي كانت محاطة بظروف مخيفة ومقلقة.. فكانت حينذاك فوضى عارمة في النشر لدرجة أن صحيفة «الميدان» الشيوعية كانت تنشر ما يمجد التمرد بقيادة قرنق ويثبط همة الجيش السوداني.
> ورغم ذلك كانت حكومة الصادق المهدي تتجاوز عن سيئات الحزب الشيوعي و صحيفته بزعم أن الديمقراطية هكذا.. مع أن الحزب الشيوعي لو كان حاكماً لفرض على الناس أن يتخلوا حتى عن دينهم كما كان يحدث في روسيا. والحوار مع رئيس اتحاد الصحافيين السودانيين الأستاذ الصادق الرزيقي في «آخر لحظة» كان بمثابة حكم قضائي غير مباشر.. حكم جيد.. ولك أن تستأنف. لكن الرزيقي أكمل بمهارة رسم صورة المعركة من خلال الحوار.
> أوضح أن المعركة بين الصحافة والحكومة ليست في استحقاقات العمل الصحافي أو في الحقوق التي يكفلها الدستور وتقرها القيم الديمقراطية. هكذا يمكنك أن تستنتج.
> أي أن ما أشعل المعركة وأثار «الاستياء» هو إما الضعف المهني وعدم الاستيعاب الكامل لأصول مهنة الصحافة، مع غفلة أو عدم اكتراث واهتمام رؤساء التحرير بالمراجعة الأخيرة، وإما أن يكون الأمر عملية انتحارية من بعض رؤساء التحرير لتحقيق هدف معين لا علاقة له بالمهنة.. قد يكون لتحقيق هدف سياسي أو تجاري أو غيرهما.
> لكن الرزيقي كانت قيمة إجاباته في الحوار تحذيرية.. وهي طبعاً من باب واجبه كرئيس لاتحاد الصحافيين.
> فقد تحدث عن بحث علاج الأداء الصحافي غير الراشد.. وهذا يعزز صحة ما استنتجناه هنا. وممارسات الحرية الصحافية طبعاً لا يمكن أن توصف بأنها أداء صحافي غير راشد يحتاج لعلاج. ويقول الرزيقي إنه يؤيد مقولة أن الصحافة أوكسجين الحياة السياسية وأوكسجين الديمقراطية. لكن يبدو إنه يقصد أن الأوكسجين هذا لا يكون نقياً للاستنشاق الآمن إلا إذا كانت ممارسة المهنة الصحافية راشدة.
> لكنه ذكرنا في الحوار بأن الصحافة غير مرضي عنها من الحكومة.. وكان الأنسب هو القول بأن تفلتات وتجنيات الصحافة وأداءها بصورة سلبية مضرة بالمجتمع هو غير المرضي.. لأن الحكومة تحتاج إلى الصحافة أكثر من المعارضة. المعارضة هي التي تتضرر من توفر حريات الصحافة في ظل نظام حاكم تريد وتسعى لاسقاطه.
> هنا أوراق تختلط .. فالمعارضة لا تقتنع بأن الحياة ديمقراطية.. والحكومة ترى نفسها منتخبة ومحافظة على لقب الفوز الانتخابي. ومعها يسير في خط موازٍ المعارضة البرلمانية. والمعارضة «الاسقاطية» – إذا جاز التعبير – تحاول الاستفادة من استياء الحكومة من التفلت والتجني الصحافي وفوضى النشر.. لكن فرز الأوراق في حوار الرزيقي جاء بمثابة مقاضاة مهنية غير مباشرة.
> وبهذا يكون اتحاد الصحافيين حريصاً على استمرار العملية الصحافية وتجارة الصحافة وسوقها دون أن تقف الحكومة في وجه الناشرين للأسباب المذكورة.
غداً نلتقي بإذن الله…

Exit mobile version