تفصل حوالي (25) صوتاً من توقيعات نواب البرلمان، دون اكتمال نصاب (110) أصوات، ليتمكن المجلس الوطني من عقد جلسة طارئة يعتزم خلالها جعل بدر الدين محمود، وزير المالية، يتراجع عن قرار زيادة أسعار (غاز الطهي) التي حددت لها الحكومة (75) جنيهاً للأسطوانة خلال الأيام الماضية، بعد أن كانت (25) جنيها فقط، (85) توقيعاً جمعها نواب البرلمان حتى أمس (الخميس)، ممثلة في أصوات كتلة أحزاب (المستقبل)، وعشرات التوقيعات من نواب الحزب الحاكم نفسه، تقف جميع هذه التوقيعات كأول محاولة للبرلمان الحالي، في وجه الجهاز التنفيذي، بعد أن منح المجلس الوطني وزير المالية مهلة (24) ساعة للتراجع عن قراره، والتهديد بسحب الثقة عنه وعن محمد زايد عوض، وزير النفط. حراك واسع انتظم المجلس الوطني خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، استل فيها البرلمان سيف المواجهة والاعتراض على قرارات الجهاز التنفيذي.
نواب برلمانيون بينهم النائب المستقل محمد طاهر عسيل، والنائبة حياة آدم عبد الرحيم عن حزب الأمة الفيدرالي، ومبارك النور النائب المستقل عن دائرة الفشقة بولاية القضارف، وآخرون، أبدوا استنكارا واضحا لتجاوز وزير المالية والحكومة ككل للبرلمان ودوره في الرقابة، حد بلوغ التجاوز – بحسب قولهم – درجة أن يتم إخطار رئيس البرلمان، بروفسير إبراهيم أحمد عمر، عبر الهاتف بقرار رفع سعر أسطوانة الغاز، دون الرجوع إلى البرلمان. ولكن حملة رد الاعتبار للمؤسسة التشريعية، قبل اصطدامها بالحكومة، أتتها المواجهة من داخل المجلس الوطني نفسه، وبما يشبه طي القضية، بإحالة الموضوع إلى لجنة، إذ قرر المجلس الوطني، بعد اجتماع هيئة شؤون المجلس أمس (الخميس) تكليف لجنة برئاسة بدرية سليمان نائبة رئيس المجلس، وعضوية رؤساء عدد من اللجان، بالجلوس إلى وزير المالية وعكس وجهة نظر البرلمان حول مخرجات الاجتماع بشأن قرار الزيادة.
واحتجت أعداد من النواب في حديثهم لـ(اليوم التالي) أمس (الخميس)، بأنه لم تمض سوى (28) يوماً على إجازة الموازنة ووعود الوزير للبرلمان بعدم زيادة أي سلعة تؤثر على المواطنين، ليفاجأ النواب بالزيادة في الأسعار تتم بعيداً عن قاعة البرلمان، على حد قولهم. واعتبر النائب البرلماني المستقل عضو لجنة الطاقة والتعدين، أبو القاسم برطم، الخطوة غير قانونية وعدها “مؤشرا خطيرا” لعام مليء بالسلبيات، وتؤكد “عدم أهلية وزيري المالية والنفط” بحسب قوله، مضيفاً بعدم وجود دعم “لأن الغاز منتج سوداني، يتم حرقه لعدم وجود مواعين تخزين، والغاز سلعة بدون تكاليف عدا التعبئة والترحيل وليس به مدخلات أجنبية تتطلب توفير الدولار من البنك المركزي” كما يقول. برطم استنكر أيضاً قرار فتح باب الاستيراد للقطاع الخاص، وقال إن القرار “دُبر بليل وتعمد إصداره بعد انتهاء دورة انعقاد المجلس الوطني”.
وبينما يشدد نواب على ضرورة عقد الجلسة الطارئة، يبقى التساؤل:
“هل يستطيع البرلمان منازلة الحكومة وهزيمة قرارها وينتصر للمواطن؟”.
صحيفة اليوم التالي