أمنة السيدح : الحل ليس بالخارج

في أحيان كثيرة نجد أنفسنا قد سبقنا الأحداث، وكتبنا عن قضية آنية بسبب أو بدونه، والكلمات الآتية كنت قد كتبتها قبل فترة، واليوم نعيد نشرها بمناسبة انهبار مفاوضات برلين بين الحكومة وقطاع الشمال.
(منذ عدة سنوات انتابت العالم موجة من القتل والحرق والتدمير، وبدأت في التصاعد بصورة تدعو للوقوف عندها، لأنها باختصار أصبحت جزءاً أساسياً في حياتنا اليومية، ففي السابق لم يكن قتل الإنسان أمراً هيناً مثل الآن، والمتابع للأحداث وللأخبار يجد أنه يتابع حصيلة أموات العالم، فكل خبر يبدأ بتفجير ويحصد الأرواح، والغريب أنها أرواح مدنيين في الأسوق أو غيرها من أماكن تواجدهم كما الإنسان نفسه، يتابع أخبار الغارات الجوية والصدامات البرية وأقلها فشل الحوار الذي يمكن أن ينهي أزمة العُزل من النساء والأطفال، الذين وجدوا أنفسهم ضحية للمطالبين بالسلطة وللمتمسكين بها، وكل طرف يستخدمهم لأغراضه الشخصية، وحتى الصور التي يتم عرضها عن القتلى والمصابين يقصد منها جلب أسلحة جديدة لمقاومة من يقومون بذلك، وبالتالي يردون بالقتل أيضاً..
ترى لماذا تدنت قيمة الإنسان الى هذا الحد.. والغريب ما يحدث في عالمنا العربي الذي كان يقف في السابق ألف أحمر ضد اي تدخل أجنبي في اي دولة من دوله، لكنه الآن أصبح يستصرخ الغرب ليساعده في تدمير إحدى الدول وهو يتدخل بفرحة لأن الدول التي دعي لتدميرها تمثل خميرة عكننة لاسرائيل، وتهددها في كل صباح وبعد أن قضت على العراق وترسانتها لسوريا، ولم تتدخل إلا بعد أن رأت أن مصلحتها في إبعاد السلاح النووي والكيماوي، ومنها ورغم أن سوريا ليست بيت ابو الدول الغربية إلا أن كل دول (عافرت لشيل شليتها) من كيماوي سوريا، وبعدها سكتت وسكنت على السوريين يقتلون بعضهم بعضاً دون يفقد الغرب المستصرخ اي جندي من جنوده، فما حدث لهم في العراق وافغانستان جعلهم يتأدبون وكيف لا والمثل يقول (البقرصو الدبيب بخاف من جر الحبل) وأصبح تدخلهم خجولاً ووفقاً لما تقتضيه مصلحتهم.
وأظن أن على ساستنا الأكارم أن يعوا الدرس ولا يجعلوا السودان ينزلق مثل ما حدث في تلك الدول.. مع الوضع في الاعتبار أن السودان أفضل من غيره، لأن به قوات مسلحة قوية، وأحزاب سياسية لها وزنها وإذا لم تستطع الأحزاب الجلوس في طاولة واحدة بالداخل، وحل مشكلة السودان وليتنا نحلها، وحدنا بدون وساطات خارجة، فهي في أحيان كثيرة تعقد المشاكل، والسودان معروف أنه يحل المشاكل ويدخل كأجاويد فكيف لا يستطيع حل قضاياه.

Exit mobile version