كان الرئيس واقفاً فيما المرشد جالساً يمسك بقلم ليكتب خطاباً.. ذاك المقطع تم نشره في مصر ليقنع ملايين من المصريين أن الرجل الذي انتخبوه لعرش مصر لم يكن سوى دمية في يد مرشد حركة الإخوان المسلمين.. ارتفعت أصوات إخوانية كثيرة لتشكك في الفيديو ولكن الرسالة كانت أبلغ من أن تمحوها توضيحات.. لاحقاً تم استخدام ذات المنطق في تبرير الانقلاب الذي أطاح بعرش أول رئيس مدني في مصر. مساء الثلاثاء كان الشيخ سعد أحمد سعد يتحدث لبرنامج الميدان الشرقي الذي تبثه قناة أم درمان.. في معرض دفاع الرجل عن موقف الحكومة من التطبيع مع إسرائيل انزلق لسان الرجل ليؤكد أن هيئة علماء السودان استوضحت وزير الخارجية حول تصريحاته حول إمكانية دراسة الأمر.. مولانا سعد قال إنهم استوضحوا وزير الخارجية كتابة وإن الوزير أخذ رسالة الاستيضاح مأخذ الجد فاجتمع بوفد ثلاثي من هيئة علماء السودان في النادي الدبلوماسي، وقدم توضيحات أكد فيها أن التصريح المشار إليه جاء كتعبير استنكاري من مقترح مفاجيء تقدم به الشيخ عبدالله دينق نيال رئيس المؤتمر الشعبي في جنوب السودان. استغربت والضيف الآخر في البرنامج.. ولكن منطق الشيخ سعد أنهم فعلوا ذلك لأنهم حراس الدين .. هنا يبرز سؤال عن حدود وصلاحيات جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. هل باتت هذه المؤسسات هي المرجعية النهائية للسلطة في السودان ومن قبل كانت ذات المؤسسات تقدم فتاوي غير ملزمة حتى للأفراد.. مسألة التطبيع مع إسرائيل أو أي دولة أخرى قرار سياسي مبني على أسس سياسية.. فكيف تتجرأ هيئة العلماء وتحشر أنفها في مسألة متخصصة ليس لها علاقة بأحكام الحيض وصلاة الجنازة.. وكيف لوزارة عريقة كوزارة الخارجية منوط بها تقدير مصالح السودان الدبلوماسية أن تسمح لهؤلاء الشيوخ بتقديم استيضاح مذل في شأن يقع في صميم عملها. قبل سنوات استنكر عدد من وزراء الإنقاذ تدخل أمانات الحزب الحاكم في يوميات العمل الوزاري.. وطرح سؤال إن كان الحزب يحكم بأمانته الحزبية أم مؤسساته الوزارية.. انتهى الجدال لصالح المؤسسات السياسية واكتفت الأمانات بوضع السياسات العامة من داخل مؤسسات الحزب. في تقديري.. أن فتح الأبواب أمام تدخل المؤسسات الدينية المتخصصة في أعمال الدولة يشكل خطراً كبيراً.. من هذه البوابة قد يأتي تقدير قصير النظر يغل يد الدولة في تسيير أمور الوطن.. الشيوخ المنتسبون لهذه المؤسسات الدينية تعوزهم الإحاطة بالعلوم الأخرى وبالتالي تخرج تقديراتهم قاصرة وإن تسربلت بجلباب الدين.. الأمر الآخر أن بلدنا يحفل بتنوع ثقافي وديني مما يجعل المؤسسات الدينية تعبر عن مجموعات معينة من المواطنين الذي ساوى الدستور بينهم في الحقوق والواجبات. بصراحة.. مطلوب فوراً إعادة تعريف المؤسسات الدينية المتخصصة.. ووضع خط واضح يحدد واجباتها ويجعل الفتوى الملزمة بيد المؤسسات القضائية وذلك حتى لا نعود للوراء.