إشراقة سيد محمود : لا يسعدني أن أكون موظفة في شركة الدقير الخاصة .. والبرنامج الاقتصادي الذي نملكه لا يملكه أي حزب حتى المؤتمر الوطني

الدقير أقالني من شركته الخاصة وليس من الحزب لأنه محنّط
لا يسعدني أن أكون موظفة في شركة الدقير الخاصة

لم ألجأ للقانون وحدي.. والدقير يتنازع الآن مع جماهير “الاتحادي”
الاتحاديون يكرهون معارضة المخدات الوثيرة والمعارضة المحمية بـ(الخواجات)

لا يوجد من يقف في طريق المؤتمر العام سوى الدقير.. وشباب الحزب أقوى فئة موجودة الآن
الشريف وصفني بـ”الدرة” ولهذا السبب احتفظت بنسخة من خطابه لعلي عثمان محمد طه

الأمين الشريف شخص مستنير ويستحق أن يكون خليفة للشريف الهندي
المعارضة الحقيقية تستطيع تحريك الشارع ولو من خلال عمل وطني مسلح

البرنامج الاقتصادي الذي نملكه لا يملكه أي حزب حتى المؤتمر الوطني
في خط الشريف الهندي أنا عاطفية ومبدئية وصوفية وتلميذة

وإشراقة سيد محمود التي وصفها “الشريف الهندي” بأنها درة جواهر حزبه، تنال ثقة الحاكمين واقتدار الواثقين، حبست الدموع في عينيها، وأشاحت بوجهها بعيدًا عنا، حتى لا تخونها الدموع – ثم نراها – ونحن نسألها عن كيف استقبلت خبر وفاة الشريف؟ ثم نسترسل معها في هذا الحوار الذي تحدثت فيه بقوة، وهي تعترف بأن الأمين العام للحزب (جلال الدقير) وحده من يعرقل قيام المؤتمر العام، وأن أمانات الحزب مجمدة، والولايات تضج بالشكوى وتتحدث عن ضرورة قيام المؤتمر العام.

إشراقة قالت إنها ضمن مجموعة من القيادات والأسماء التي تحدثت كثيراً لـ(لدقير) وكتبوا المذكرات والخطابات، ولكنهم اكتشفوا أن الأمور الإدارية لن تفي بالوصول إلى المؤتمر، لذلك لجأو لمجلس الأحزاب الذي قالت بأنه من صميم أفكار الشريف الهندي بعد أن (اكتوى) من الطائفية، وعدم المؤسسية والديمقراطية داخل الحزب الاتحادي.. لقد تحدثت مساعد الأمين العام بالحزب الاتحادي إلى (الصيحة) في كل شيء تقريباً فماذا قالت؟

ـ أصدر جلال الدقير الأمين العام لحزبكم قراراً قضى بإقالتك والبروف علي عثمان محمد صالح من منصبيكما كمساعدين له ما هو تعليقك؟
الإقالة من ماذا؟! من الأمانة العامة الغائبة.. والمحنطة والمجمدة.. التي لا وجود لها على أرض الواقع، والتي تحولت من جهاز أراد له دستور الحزب نشاطاً ضخماً، إلى شخص الأمين العام فقط. وهذا هو سبب تقديمنا مذكرة لمجلس الأحزاب، لتصحيح الأوضاع.. باختصار لقد أقالنا الأمين العام من شركته الخاصة.. كما قال البروفيسر علي عثمان.. ولا يسعدنا أن نكون موظفين في شركة الدكتور جلال الخاصة.. الحزب أكبر بكثير، وأعمق من أن يديره كشركة.. وما أشبه الليلة بالبارحة.. حينما لم تطأ قدما الشريف الراحل مبنى الأمانة العامة، التي يديرها الدكتور جلال حتى رحيله.. والكل يعرف لماذا.. (ويمكننا التفصيل في ذلك).. وحينها أيضاً أبعدنا جلال من أمانته، أقصد شركته، ولم تطأ قدماي مبانيها، في حياة الراحل، ولأربعه سنوات، تضامناً مع الراحل الشريف في موقفه من الدكتور جلال. ألا رحم الله الشريف القائد الذي بنى حزباً عملاقاً، سنعيد أمجاده.

ـ لماذا ذهبتم إلى مجلس الأحزاب لتحريك إجراءات المؤتمر العام لحزبكم؟
الخطوة إلى مجلس الأحزاب سبقتها خطوات كثيرة جداً داخل الحزب منذ ما يزيد عن سبعة أعوام.. هذه الخطوات كانت تنحو حول المؤتمر العام للحزب الذي تأخر كثيراً.. وخلال هذه الفترة رفعت مذكرات وخطابات داخلية إلى الأمين العام بعدة طرق، ولكن اتضح لنا أن الأمور الإدارية المعلومة لا يمكن أن تفي بالوصول إلى المؤتمر العام، ولذلك نستطيع أن نصفها بأنها حالة نزاع .. وحالة النزاع تستوجب اللجوء إلى القانون، ونحن نعتبر مجلس الأحزاب يمثل القانون.

ـ حالة نزاع .. بين من ومن ؟
نزاع بين جماهير الحزب والأمين العام للحزب . وليس مع أي جهة أخرى ..

ـ لماذا رضيتم أصلاً أن يجمع جلال الدقير بين منصبين في الحزب؟
الدستور لدينا لم يوضح حالة رحيل الرئيس، بل قال بأنه لو رحل الرئيس ينعقد المؤتمر العام لاختيار الرئيس، وبعد رحيل الرئيس تم اجتماع تراضٍ كانت كل المؤسسات بالحزب فيه حضوراً، وتم الاتفاق فيه على أن يرأس جلسات المكتب السياسي رئيس جلسات يتم انتخابه من داخل المكتب السياسي كوضع مؤقت.

ـ هل يملك رئيس الجلسات قوة الرئيس الانتخابية؟
لا ليست لديه قوة الرئيس الانتخابية لأن الذي كان يرأس المكتب السياسي هو رئيس الحزب الشريف زين العابدين المنتخب من المؤتمر العام، أما رئيس الجلسات فلديها قوة انتخابية بسيطة هي من المكتب السياسي، لذلك لم يسمّ برئيس المكتب السياسي، بل (رئيس جلسات)، يدعو ويدير الجلسة فقط، على أن يقوم الأمين العام ببقية المهام لوقت مؤقت، حتى قيام المؤتمر، ولكن هذه الفترة المؤقتة استمرت حتى الآن، وهي ست دورات للمؤتمر العام.

ـ هل كنتِ تشاركين في كتابة المذكرات وأنتِ وزيرة؟
نعم.. لأنني أمسك بملف التنظيم في الحزب والمؤتمر العام هو مسؤوليتي المباشرة وهذا هو عملي الروتيني.

ـ ثم لجأت اليوم للقانون؟
لم ألجأ لوحدي، هناك الكثير من القيادات على رأسهم البروفيسور علي عثمان محمد صالح.

ـ هل الشباب هم من رفعوا المذكرة الأخيرة إليكم ثم تبنيتم موقفهم؟
كل جهة كانت تتبنى موقفاً، ولكن الشباب تبنوا موقفا كبيراً جداً ومعهم الناشطون، المذكرة الأولى رفعت من 12 شاباً، ثم أعقبتها مذكرة بها 300 شخص من الناشطين، وأخيراً هذه المذكرة التي تضم 265 من قيادات الحزب.

ـ لماذا ظل الدقير ومجموعته يتزمتون عندما يتحدث غيرهم عن قيام المؤتمر العام؟
ربما يكون التزمت هو لعدم رغبة القيادة الحالية في التغيير.

ـ ربما.. أليس الأمر مؤكدًا؟
نحن لا نعلم الأسباب التي تدفع القيادة لعدم المضي في المؤتمر العام، لكن الأسباب المنطقية والموضوعية بالنسبة لنا غير موجودة، تلك الأسباب والمبررات التي يمكن أن نعتبرها منطقية.

ـ وما هي الأسباب الموضوعية والمنطقية في رأيك ؟
ـ لو كان هناك مثلاً نظام شمولي، وعدم حريات، بمعنى أن لا تسمح بالحرية السياسية وعدم ممارسة الحزب لنشاطه.

ألم يمثل المال لكم عائقاً؟
المال غير (معوق). لأننا جلسنا ووضعنا اتفاقاً، وحتى العمليات الفنية قمنا بها نحن في قطاع التنظيم، بمعنى كيف يتم تدبير أمر المال من اشتراكات العضوية، وبالمساهمات والدعم المباشر من أبناء الولايات المختلفة، بحيث تقيم كل ولاية مؤتمرها، ونحن حزب بسيط، حزب من الشعب ومؤتمرنا لا يكلف.

ـ هل يمكن أن تسمي لي القيادات التي تقف ضد قيام المؤتمر العام للحزب سوى الدقير؟
لا أعتبر أن هناك قيادة تقف في طريق المؤتمر العام سوى الأمين العام.

ـ ألم تتحدثي إليه كثيرًا في هذا الأمر قبل كتابة المذكرات؟
أنا مساعد الأمين العام لشؤون التنظيم، ومن المؤكد أنني جلست إليه.. لكننا أولاً كتبنا المذكرات، ثم تحدثنا إليه شفاهة، وتحدثنا في الاجتماعات، ونحن في قطاع التنظيم وصلنا لقدر من الجاهزية وكونت كل اللجان المعنية.

ـ منذ متى كان هذا الحديث؟
منذ أربع أو خمس سنوات.. كونا كل اللجان وكل الآليات الفنية اللازمة لانطلاقة المؤتمر، ولكننا فوجئنا بتجميد اللجنة العليا التي كونت.. أقسم بالله أن عدداً من قيادات الحزب تحدثت قولاً وفعلاً نحو المؤتمر العام، والولايات تضج بالشكوى، أنا مسؤولة التنظيم وأذهب الى الولايات وأقابلهم في مؤسساتهم، وكلهم يضجون بالشكوى لقيام المؤتمر، وأنا مهمتي كقيادية مسؤولة عن هذه الأشياء وأن أرفع شكاوى الجماهير تجاه المؤتمر.

ـ فلنفترض أن المؤتمر العام أقيم.. ماذا سيحدث.. هل تريدون تغيير الأمين العام؟
على الإطلاق .. حديثنا عن قيام المؤتمر ليس لتغيير (فلان) ومجيء (علان)، نحن نتحدث عن قيام المؤسسات بقوة وفاعلية ووجود دستور قوي.

ـ دعك من هذا.. استلمتم مالاً من النظام في الانتخابات؟
لا أعلم.

ـ كيف لا تعلمين وأنتِ مساعدة الأمين العام؟
قلت لك أنني شخصياً لا أعلم إن كان الحزب قد استلم أموالاً من النظام.

ـ كثير من الأحزاب استلمت مالاً من النظام لدخول الانتخابات؟
نحن لم يعطنا مالاً.. أنا لست مسؤولة المال في الحزب، هناك أمين للمال ولكن كل أمانات الحزب مجمدة.

ـ يعني الذي يعمل الآن هو الأمين العام؟
الأمين العام ومعه بعض الأمناء والمساعدين.

ـ الذين (اصطفاهم) الدقير؟
لا.. هم يعملون بالمجهود الذاتي..

ـ قلتِ سابقاً إن هناك عراقيل أمام أشواق الاتحاديين في الوحدة.. ما هي العراقيل؟
الانقسامات الكثيرة التي حدثت للحزب الاتحادي منذ الحركة الوطنية، حدثت بفعل أحداث جسام مرت على الحزب والبلاد، وبالتالي ليس من السهل أن تلتقي هذه المجموعات، وربما كنا نحن بالذات.

ـ لماذا أنتم بالذات؟
عندما خرج الشريف زين العابدين الهندي بخطابه الشهير الذي قال فيه “سأذهب لأبحث عن الحزب في صدور عارفيه، وكان هذا خطاً واضحاً في التمرد على الطائفية وعلى الطريقة غير المؤسسية في إدارة الحزب، ونحن بالنسبة لنا الآن أصبح هذا خط أحمر لن نتنازل عنه أبداً..

ـ هذا حديث عاطفي أكثر من كونه مبدئياً لأن عاطفتك مع الشريف الهندي؟
في خط الشريف أنا عاطفية ومبدئية وصوفيه وتلميذه وكلو.. أنا موافقة.. لكن هذه العاطفة وهذا الحب للشريف الهندي لا يأتيان إلا بالتعلق الفكري به.. كفيلسوف وكمصلح.

ـ هل تعتقدين أن نساء السودان لن ينجبن مثل الشريف؟
نعم.. نساء السودان (عاقرات) عن إنجاب مثل الشريف الهندي، يستحيل أن يوجد شخص مرة أخرى كالشريف، لأن هذا الرجل جمع مواصفات ليس من السهل توفرها لدى إنسان واحد، فهو سياسي ناجح وعبقري وذكي ومتصوف وزاهد وفيسلوف ومصلح ومعلم وكاتب وشاعر وأديب ويتقبل الآخر.

ـ أين التقيته أول مرة؟
ظللت أتابعه منذ كنت صغيرة وقبل أن التقيه، وأذكر خطابه في الجمعية التأسيسية، ذاك الخطاب الشهير الذي قال فيه .. (هذه الديمقراطية لو جاء كلب وشالها ما بنقول ليه جر) هذا الخطاب جعل جميع أهل السودان يلتفون حوله وليس الاتحاديين فقط ، لأنه حذر فيه من قيام الانقلاب، وكانت نبوءة بأن البلاد مقبلة على مشروع انقلاب، كنا صغارًا وأعجبنا بهذا الخطاب، وعندما جاء بعد المبادرة، التقيته مباشرة وهو (نازل) من الطائرة عندما جاء ليبشر بالمبادرة .

ـ من كان معك حينها؟
كنا أعداداً هائلة من الشباب وخريجي الجامعات والطلاب، وحينها كنت رئيسة لطلاب رابطة عطبرة بجامعة الخرطوم، وكنت سكرتيرة لرابطة الطلاب الاتحاديين، وهناك محطة مهمة حيث كانت هذه الرابطة في كل الجامعة واحدة لأن الحزب الاتحادي كان واحداً، وعندما ذهب مولانا الميرغني وأنشأ التجمع في (أسمرا) أعلن الشريف هنا خطه لوحده، وأعلن ميثاق الرد الشهير على ميثاق أسمرا الخطير الذي أصدره التجمع وكانت الحركة الشعبية بقيادة (جون قرنق) شريك فيه، حيث أعلنوا الكفاح المسلح، ميثاق الشريف وصلنا في الجامعات ونحن طلاب، حيث اعتقد الهندي حينها أن ميثاق أسمرا فيه تنكر للسودان، وهو ميثاق يمثل خطراً على البلاد والوطن، إضافة الى تنكره للحزب الاتحادي الديمقراطي.

ـ كيف كان يرى الهندي أن ميثاق أسمرا خطر على البلاد والوطن؟
أولاً كان التحالف مع الحركة الشعبية، وثانياً لم تكن به أشياء وطنية ضد المساس بالسيادة لأنهم أعلنوا فيه الحرب بشرق السودان، ثالثاً.. السيد الصادق المهدي ومولانا الميرغني أسموا أنفسهم في الميثاق الأحزاب التقليدية، وعلق الشريف على هذا الأمر، وقال نحن لسنا أحزاباً تقليدية، نحن أحزاب تعبر عن الوطن كله.

ـ الشريف لم يكن طائفياً؟
أبداً.. لم يكن طائفياً.. هو رجل متصوف وزاهد، وأنا لم اشاهد عظمة التصوف إلا في الشريف زين العابدين الهندي، بعد ذلك سمعت بها عند المتصوفة الكبار ابن عربي والحلاج وغيرهم، لكن بعيني هذه لم أرها سوى لدى الشريف.

ـ أين الشباب في حزبكم الاتحادي، لم نرهم في أركان نقاش بالجامعات أو فعاليات أخرى؟
نحمد الله.. الشباب لدينا موجودون وهم أقوى فيئة موجودة لدينا.. ويشهد على ذلك مؤتمر الشباب الذي تم قبل الانتخابات مباشرة في قاعة الصداقة وحضره تشريفاً نائب رئيس الجمهورية، وكان به ألفي شاب من كل أنحاء السودان من النيل الأبيض وكسلا والبحر الأحمر والشمالية ونهر النيل .. باختصار كل ولايات السودان كانت حضوراً.. حتى الشباب النازحون في دارفور وفي مناطق الحرب بجنوب كردفان بالجبال الشرقية، من كرشولا، والعباسية تقلي، وأبو جبيهة وكل هذه المحليات والمناطق، كل هؤلاء كانوا موجودين بالمؤتمر.

ـ هناك الكثير من الشباب جمدت عضويتهم.. هل هذا الحديث صحيح؟
لماذا ذهبنا نحن إلى مجلس الأحزاب .. لأننا نعتقد أن عدم قيام المؤتمر جمد المؤسسات وكل الأنشطة.

ـ قلتِ سابقاً إن مشاركتم مع المؤتمر الوطني لم تتنزل على الواقع.. ما السبب؟
لأنها ظلت معلقة في القيادة (فوق).. قيادة المؤتمر الوطني وقيادة الحزب الاتحادي الديمقراطي، ولكن ظلت جماهيرنا في الحزب تعاني أشد المعاناة من كون الشراكة معلقة وغير منفذة على مستوى جماهيرنا في الولايات.

ـ يعني أنتم الآن عندكم برامج اقتصادي؟
(كيف ما عندنا)..البرنامج الاقتصادي الذي نملكه لا يملكه أي حزب بمن فيها المؤتمر الوطني.. ولو فُعّلت الشراكة لكنا موجودين وبقوة ندعم الدولة.

ـ قلتِ سابقا أنكم لو تحولتم إلى المعارضة فستكونون معارضة حقيقة.. ما معنى حديثك هذا؟
هناك عبارة أقولها دائماً.. والآن أعيدها، نحن الاتحاديين أكره ما نكره معارضة المخدات الوثيرة والفنادق، وزد عليهم المعارضة المحمية من (الخواجات) .. هذه هي مشكلتنا الكبيرة جميعاً كاتحاديين.. نحن نرفض معارضة ترتمي في أحضان الأجنبي، وهذا كان أيضاً مبدأ الشريف .. لقد كان في القاهرة معارضاً، وعرضت جهات كثيرة أن تساعده لكنه رفض تماماً، لذلك أسمى مبادرته (الطريق الثالث)، طريق بين الحكومة المتشددة والمعارضة التي وقف ضدها تماماً، لأنها تستعين بالتخطيط الأجنبي في بلاد أخرى، ونحن حتى اللحظة متمسكون بهذا المبدأ، نحن لن نعارض حتى نذهب لكنف شخص آخر هو من يخطط لبلادنا ونحن ننفذ.. لن نفعل ذلك مطلقاً، وهذا هو النوع الأول من المعارضة الذي نرفضه أما النوع الثاني فهي معارضة الصوت والكلام (الكتير)، ثم تذهب في المساء إلى فراشك لتنام والنظام قائم كما هو وأنت لا لتفعل شيئاً لشعبك، نحن نرفض هذه المعارضة، المعارضة الحقيقة.. هي التي تستطيع أن تحرك الشارع وحتى لو قادت عملاً مسلحاً فليكن عملاً مسلحاً وطنياً.

ـ كيف يعني عملاً مسلحاً وطنياً؟
مثل الشريف حسين الذي قاد الجبهة الوطنية من ليبيا ضد نظام مايو وكان المسلحون من أبناء البلاد بمعنى أنها معارضة مسلحة وطنية بنسبة 100%.

ـ هل هناك من ترين فيه الشريف الهندي الآن؟
(ما في).. لا يوجد

ـ ولا خليفة له؟
الأمين الشريف شخص مستنير ومتحرر فكرياً، رغم انتمائه للسجادة الهندية مباشرة، ومن أسرة الأشراف، هو رجل قوي وواثق من نفسه ويعرف ما يقول ويستحق أن يكون خليفة للشريف.

ـ بالمناسبة.. أليست تجربة مجلس الأحزاب من صنيعة الشريف الهندي؟
بلى.. لأنه عندما جاء إلى الحوار كانت أولى أفكاره هو قانون الأحزاب .. لأنه اكتوى بنار الحزب غير الديمقراطي أو المؤسسي واضطر أن يقول خطابه الأشهر في البرلمان ثم خرج بعدها.. وقال الناس انه قد استقال .. وهو لم يستقل، لقد كان حريصاً في خطه هذا على الإسهام في بناء أحزاب قوية وفاعلة وديمقراطية لأنه عانى من مرارة الطائفية داخل الحزب.

ـ كيف عانى الشريف من الطائفية؟
ذات الحالة التي نحن بها الآن.. لم تكن القرارات تتخذ بديمقراطية.. خاصة إذا كان الحزب حاكماً كما كان عليه الاتحادي أيام الشريف لأنه سوف تنتج عنه كوارث، وليس بعيداً موضوع (أبو حريرة) الوزير عندما أسقط خططه الحزب ذاته.

ـ هل تريدين أن تكوني شبيهة للشريف الهندي؟
أنا لن أكون بأي حال من الأحوال شبيهة للشريف زين العابدين الهندي فهو رجل لا يشبهه أحد.. وإن كنت أمني نفسي أن أكون طبق الأصل من الشريف كالذي يتمنى مسك النجوم بيديه.. ولكنني أقول أنا تلميذة له، وبحمد الله كنت تلميذة نجيبة، تعلمت على يديه أشياء كثيرة ومهمة.. أنا الآن أحمل رايته مثلى مثل آخرين كثيرين تتلمذوا على يديه.. كل رسائله التي كان يرسلها إلي أحتفظ بها.. هناك رسالة لم تكن لي بل لعلي عثمان محمد طه عندما كان في نيفاشا.. طلبت منه تصويرها والاحتفاظ بنسخة منها فوافق.

ـ ماذا قال له فيها وجعلك تحتفظين بها؟
قال له “أرسل إليك رسالتي هذه مع درة جواهر حزبي.. وستجد في إشراقة ثقة الحاكمين واقتدار الواثقين”.

ـ كيف استقبلت خبر وفاة الشريف الهندي.. وأين كنتِ حينها ومن الذي أبلغك؟
عندما تحب انساناً وتتعلق به جداً وترى فيه أحلامك ومشروعاتك للبلاد ستتخيل لوهلة أنه لن يرحل، وهكذا هو الإنسان، لذلك فإن حالات (الرحيل) في تلك اللحظات تكون صعبة جداً، أذكر أنني قبل وفاة الهندي بثلاثة أيام- وقد كان بالمانيا – لم أكن طبيبعة وكانت لدي حالة من الاكتئاب و(الزهج)، الأستاذ (يوسف الشريف) زوجي قال لي انتِ مصابة بالاكتئاب و(مالك زهجانة)، ثم قال لي إن الحل الوحيد هو الذهاب إلى الأستاذ إسماعيل طه في منزله، حتى (يفرق) عليك قليلاً.. لأن الأستاذ طه رجل (حبوب) .. وعندما وصلنا إلى البيت ظل زوجي يطرق بابه .. ثم أتى إلي راجعاً.. فسألته ألم تقابل إسماعيل.. لكنه كان يتحدث في الهاتف.. لم يكن طبيعياً أبداً ولم يتحدث إلي لمدة عشر دقائق فسألته (في شنو يا يوسف) .. لم يتحدث أيضاً وانطلق بنا بالسيارة .. كنت ألح عليه أن يخبرني ماذا حل به .. لقد نزل إلى منزل إسماعيل طبيعياً وعاد إلي ولم يكن طبيعياً البتة .. بدأت الهواجس تنتابني، هناك أمر ما قد حدث، لكنني لم أتصور نهائياً وفاة الشريف الهندي وعندما وصلنا الى كبري النيل الأزرق حينها فقط حدثني .. قال لي إن الشريف الهندي قد مات.. لا أستطيع أن أحدثك ماذا حدث بعد ذلك .. لا أستطيع أن أتذكر الحالة التي مررت بها.. ذهبنا إلى السرايا.. وخلاص.

حوار: عطاف عبد الوهاب
صحيفة الصيحة

Exit mobile version