لم تتوقف القرارات الاقتصادية برفع أسعار الغاز فحسب حيث اصدر قرار اكثر أهمية وهو فك احتكار لحكومة لثلاث سلع بترولية وهي الفيرنس ووقود الطائرات والغاز وإفساح المجال للقطاع الخاص لاستيراد و توزيع هذه السلع.
و أوضح وزير المالية بدر الدين محمود في اجتماع موسع بالوزارة امس بمشاركة وزارة النفط و القطاع الخاص والشركات العاملة في مجال المواد البترولية أن الهدف الأساسي لفك الاحتكار هو ضمان توفير حاجة المستهلك و القطاعات الإنتاجية و إطلاق طاقات القطاع الخاص ليتمكن من توفير السلع وتوزيعها دون أي قيود، وقال إن خروج الحكومة من الدعم جاء في الوقت المناسب حيث هبطت الأسعار عالميا بصورة غير مسبوقة تعلن في حينها لاستدامة استقرار سعر الصرف.
وأكد وزير النفط بالإنابة م.محمود عبد الرحمن دعم وزارة النفط للمستوردين لوجستياً مع اتخاذ التدابير المناسبة لتوفير الإمداد، والالتزام بتوفير مستودعات التخزين ثم توفير الاحتياطي المطلوب لتركيز الاسعار، موجهاً المستوردين بالتنسيق مع إدارة الامداد لدخول الناقلات التزام الوزارة وصف رئيس اتحاد اصحاب العمل سعود مأمون البرير قرار فك إحتكار المواد البترولية بالخطوة الايجابية للقطاع الخاص، لاستغلال طاقاته القصوى وتوفير السلع البترولية او منتجات صناعية معرباً عن أمله في تحرير الجازولين قريبا.
و اعتبر الخبير الاقتصادي البروفسور الكندي محمد عثمان ان قرار تحرير السلع يستهدف عموماً وفرة للسلع ولموارد النقد الأجنبي، حتى يتم تخصيصها ضمن اولويات خطة الدولة لدع القطاع الانتاجي الحقيقي، وانجاز أنشطة اقتصادية تحقق فوائد للدولة والمجتمع معاً، وقال لـ(السوداني) الدولة رأت استمرار شح الغاز وتعذر عليها تغطية الفجوة المقدرة بـ(40)ألف طن شهرياً، وبالتالي هذا الوضع يستوجب عليها دعم استيراد هذه الكمية بحوالي (200) مليون دولار.
وقال الاقتصادي د.بابكر الفكي منصور ان صدور قرار يقضي بتحرير أسعار بعض المحروقات هو يستهدف أحداث درجة من المرونة لتوفير هذه السلعة وإتاحة الفرصة لمن يملك امكانية الاستيراد وتوفيرها، ثم يحدث تنافساً في الأسعار حتى تكون في حدود معقولة للمواطن، موضحاً لـ(السوداني) ان الوضع الراهن في البلاد لا يستوعب هذه السياسة الا في حالة ان تكون للدولة القدرة على توفير
(80%) من هذه السلعة، بما يتيح للدولة إحكام السيطرة على توفرها واسعارها وبالتالي لا يستطيع الطرف الأخر المنافس بالبيع بأسعار اكثر من سعر الدولة وتحجيم طموحه في البيع باسعار أعلي، وفي هذه الحالة يحدث استقرارا للأسعار لفترة معقولة، ويمهد للدولة الإنسحاب تدريجياً من المجال و إفساح المجال للقطاع الخاص بالدخول، مضيفاً ان المرحلة تتطلب من الدولة المحافظة على توفير السلعة بهذه النسبة للسيطرة عليها، ويعتبر قرارالدولة سليماً في حالة مضيها بهذه الكيفية وبخلاف ذلك ستفقد الدولة قدرة التحكم وتحدث مشكلة انفلات في الأسعار وبالتالي دفع (ثمن غالٍ) لأن المحروقات تعتبر المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني مشيراً الي ان تحرير الاسعار دون أن يتبعها الإلتزام بتنفيذ خطوة توفير السلعة بنسبة (80%) سيكون هناك رفع لتكلفة الإنتاج وزيادة للأسعار في كل المجالات.
فيما يقول الاقتصادي د.حسن السنوسي إن قرار تحرير استيراد المواد البترولية للقطاع الخاص في حالة صحته، يعني رفع يد الدولة عن استيراد المواد البترولية وترك (ألحبل على الغارب) للقطاع الخاص موضحاً أن هذا الوضع سيخلق مشكلة حول كيفية الحصول على النقد الأجنبي، وهناك تساؤل هل الدولة ستمنح القطاع الخاص الموارد الكافية لاستيراد المواد البترولية!، حالياً نجد أن هناك بوادر أزمة في الشركات التي سمح لها باستيراد الدقيق والقمح عقب سياسة تحريرهما، والسماح للقطاع الخاص سيزيد من الطلب على الدولار ربما يؤدي إلي ارتفاع سعر الدولار في السوق (الأسود)، مضيفاً أن المواد البترولية تعد من السلع الاستراتيجية وبالتالي هل السياسة الجديدة ستخرجها من هذا التصنيف باعتبارها ظلت تأخذ الأولوية، وعليه ستواجه مصيراً صعباً جداُ في محور القطاع الخاص طالما لم تأخذ مرتبة الأولوية لديهم، مشيراً إلي أن استيراد المواد البترولية للقطاع الخاص سينعكس سلباً على المستهلك المباشر وغير المباشر.
إبتهاج متوكل
صحيفة السوداني