كيف دمرت إسرائيل “جنوب السودان”؟.. تبيع أسلحتها لقوات النظام والمتمردين على السواء

لا تزال إسرائيل تعمل على العبث بأمن واستقرار دول القارة السمراء بتأجيج الصراعات المسلحة بين الجماعات المتحاربة من أجل استمرار الصراعات الأهلية هناك، ومن ثم إنعاش صناعتها العسكرية وتجارة سلاحها وبسط نفوذ لها بتلك الدول الفقيرة التى تعانى من الجوع والفقر، ولم تسلم دولة “جنوب السودان” الحديثة النشأة من تلك المؤامرات الصهيونية التى أدت لتدمير استقرارها بعد سنوات قليلة من قيامها. وتزود إسرائيل النظام الحاكم بجنوب السودان بالسلاح ووسائل استخبارية تستخدمها السلطات هناك للتصنت على معارضيها والناشطين ضدها، كما تمد الدولة العبرية المتمردين هناك بالأسلحة الإسرائيلية الصنع لقتال القوات الحكومية، فهى تلعب على الجانبين من اجل استمرار عمليات البيع وكسب ملايين الدولارات. تقرير دولى يفضح إسرائيل وأكد تقرير دولى قام بإعداده طاقم من خبراء الأمم المتحدة من أجل فحص تطبيق العقوبات فى جنوب السودان، وتم تقديمه فى الأيام الأخيرة الى مجلس الأمن أن الجانبين المتصارعين فى جنوب السودان يواصلان امتلاك الأسلحة والمعدات العسكرية رغم العقوبات المفروضة عليهما. ويأتى هذا التقرير مكملا لتقرير مرحلى تم نشره فى شهر أغسطس الماضى، أشار فى حينه إلى أن قيام جيش جنوب السودان وكبار ضباطه باستخدام أسلحة إسرائيلية الصنع. بنادق “ساعر” الإسرائيلية بأيدى المسلحين بجنوب السودان وشمل التقرير المرحلى، الذى نشرته صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، صورا للجنود المسلحين ببنادق “ساعر” الإسرائيلية الصنع من طراز “ACE”، وهى نسخة مطورة من بنادق “جليل”، حيث أكد طاقم الخبراء أن بنادق “ACE”، وأسلحة إسرائيلية اخرى، نماذج مصغرة من بنادق جليل، منتشرة فى جنوب السودان، خاصة فى مناطق المعارك بين النظام والمعارضة. وكشف التقرير الدول أيضا حيازة جيش النظام فى جنوب السودان لبنادق “ACE” الإسرائيلية التى تم امتلاكها قبل الحرب الأهلية، وتم استخدامها خلال الهجوم على قبيلة “النوير” فى شهر ديسمبر 2013، والتى شكلت بداية للحرب الأهلية. عمليات اغتصاب جماعى تحت تهديد السلاح الإسرائيلى وتم خلال المعارك التى وقعت بعد عامين من استقلال جنوب السودان، ارتكاب الكثير من جرائم الحرب، من بينها أعمال ذبح واغتصاب جماعى للنساء تحت تهديد السلاح الإسرائيلى الصنع. وأشار تقرير الأمم المتحدة الصادر فى يوليو الماضى إلى “وقوع 9 حالات على الأقل تم خلالها إحراق النساء وبنات بعد اغتصابهن الجماعى من قبل عدة جنود”، كما أشار إلى اعتداءات جنسية بالغة تم فى بعضها اغتصاب أمهات أمام عيون أطفالهن. وفى شهر أغسطس الماضى، أى بعد 20 شهرا من الحرب، تم توقيع اتفاق سلام تحت طائلة التهديد الدولى بفرض عقوبات عليهما، وبعد عدة أشهر قرر مجلس الأمن فرض عقوبات على الطرفين، وتم تشكيل طاقم الخبراء الذى يفترض فيه تعقب ما يحدث فى البلاد. إسرائيل تزعم عدم بيعها للسلاح وكانت قد زعمت تل أبيب بأنها التزمت أمام وفد الأمم المتحدة الذى زار القدس المحتلة قبل حوالى شهرين، بأنها لا تقوم بتزويد أسلحة إسرائيلية إلى أى من الأطراف الضالعة فى الحرب الأهلية فى جنوب السودان. وقالت مصادر إسرائيلية رفيعة، إن إسرائيل أوضحت للوفد بأنها تطبق قرار وقف تحويل السلاح القاتل إلى جنوب السودان بشكل حريص، زاعمة أن الأسلحة الإسرائيلية التى عثر عليها فى جنوب السودان تم تحويلها قبل اندلاع الحرب الأهلية. فيما أضاف مسئولون إسرائيليون أن إسرائيل أوقفت تحويل الأسلحة إلى جنوب السودان فى مرحلة مبكرة من الحرب الأهلية، وبعد قيامها بمحاولة التوسط بين سيلفا كير ونائبه ريك متشار للتوصل إلى تهدئة، لكنها فشلت فى ذلك، على حد زعمهم. وأوضح المسئولون الإسرائيليون، أنه خلال المحادثات التى أجرتها إسرائيل مع الجانبين المتصارعين حاول كل طرف تجنيد إسرائيل إلى جانبه وطلبوا أسلحة إسرائيلية تساعدهم على الانتصار فى الحرب الأهلية، لكنهم عندما فهموا فى إسرائيل أن هذا هو الوضع تم عقد اجتماع فى مطلع 2014 فى وزارة الخارجية، بهدف تحديد سياسة جديدة إزاء التصدير العسكرى إلى جنوب السودان، وخلال تلك الجلسة تقرر رفض طلبات الجانبين المتصارعين فى السودان وعدم بيع أسلحة نارية قاتلة لهما من أى نوع كان، على حد زعمهم. الحرب الأهلية بجنوب السودان وكانت قد اندلعت الحرب فى جنوب السودان فى عام 2013، بعد اتهام رئيس الدولة سيلفا كير، لنائبه السابق ريك متشار، بالتخطيط لانقلاب عسكرى على الحكم، وخلال الحرب الأهلية التى اندلعت بعد عامين من استقلال الدولة، ارتكب الجانبان جرائم حرب بالغة الخطورة، شملت مذابح وعمليات اغتصاب جماعى. وفى عام 2015 الماضى، بعد 20 شهرا من الحرب، تم التوقيع على اتفاق سلام بين الجانبين إثر تهديد مجلس الأمن بفرض عقوبات اقتصادية إضافية على الدولة، بما فى ذلك منع بيعها السلاح، وكان مجلس الأمن قد قرر فى مايو 2015 فرض عقوبات على الجانبين المتصارعين فى جنوب السودان، وتشكيل طاقم من خبراء الأمم المتحدة لمتابعة تطبيق العقوبات أو خرقها. ولم تشمل العقوبات منع بيع الأسلحة، لكن التقرير المرحلى الذى قدمته اللجنة فى أغسطس 2015، أشار إلى أن الصور الجوية لمناطق الحرب أظهرت الجنود فى الطرفين وهم يحملون بنادق “ساعر” الإسرائيلية من طراز ACE، وهى الصيغة المطورة لبنادق “جليل” التى طورتها هيئة الصناعة الحربية الإسرائيلية. السلاح المستخدم بجنوب السودان من إنتاج IWI الإسرائيلية وكان قد اعتمد التقرير السابق للأمم المتحدة الذى نشر فى أغسطس الماضى، على صور ميدانية تظهر فيها أسلحة من إنتاج هيئة صناعات الأسلحة الإسرائيلية “IWI”. وأوضح التقرير أن إسرائيل تزود جيش جنوب السودان بأسلحة تزيد من العنف فى هذا البلد المتوتر الذى انفصل عن السودان قبل أعوام وتربطه علاقات تاريخية مع إسرائيل. رشاشات ACE الإسرائيلية بجنوب السودان وأكد خبراء مجلس الأمن، الذين أعدوا التقرير المشار له أن المقصود عدة أنواع من الرشاشات الآلية من نوع “ACE”، وهو نوع جديد ومتطور من بنادق “جليل” التى تم تطويرها من قبل الصناعات العسكرية الإسرائيلية، ولم يفصل التقرير التقييمات المتعلقة بعدد قطع الأسلحة التى نقلتها إسرائيل إلى جنوب السودان. “الأرض المحروقة” وجاء فى تقرير مجلس الأمن الجديد أن الجيش الشعبى فى السودان “SPLA”، يعمل بطريقة “الأرض المحروقة” وهى إحراق بيوت، أحيانا مع سكانها، وقتل بدون تمييز للمدنيين، واغتصاب النساء وسرقة، وتدمير البنى التحتية واقتلاع المواطنين من بيوتهم. الجيش الشعبى فى السودان ويعد الجيش الشعبى فى السودان “SPLA” حركة انفصالية مسلحة تحولت بعد الانفصال عن شمال السودان إلى جيش جنوب السودان، وتأسس عام 1983 أثناء الحرب الأهلية السودانية الثانية وكان يتزعمها الزعيم الراحل “جون قرنق”. جميع قوات الأمن بجنوب السودان تستخدم السلاح الإسرائيلى وأشار خبراء الأمن الدولى الذين أعدوا التقرير إلى تحويل جزء من الأسلحة الإسرائيلية الصنع إلى قوات الأمن الوطنى قبل اندلاع الحرب فى جنوب السودان، لكنها تتواجد الآن فى أيدى قوات أمنية أخرى مثل “جيش التحرير الشعبى” للسودان، والشرطة المحلية، وبشكل خاص فى أيدى حراس الضباط الكبار، والضباط أنفسهم، وهؤلاء هم عمليا، كل قوات الأمن فى حكومة جنوب السودان. السلاح الإسرائيلى يطيل أمد الحرب الأهلية وشدد الخبراء المعدون للتقرير أن تزويد إسرائيل لجيش التحرير الشعبى السودانى بالأسلحة يطيل أمد الحرب ويزيد فتيلها، حيث بعث معدو التقرير رسائل لإسرائيل بهذا الشأن ولا زالت تنتظر الرد الرسمى. جدير بالذكر، أن عشرات الأطفال قتلوا فى المعارك المستعرة بجنوب السودان فى انتهاك لاتفاق السلام، ففى إحدى المعارك منطقة لير فى ولاية الوحدة، حيث تخوض القوات الحكومية مع المتمردين معارك حامية الوطيس، قتل 80 مدنيا على الأقل منهم 57 طفلا فى الفترة الواقعة بين 4 أكتوبر و22 منه، كما أن هناك أكثر من 50 حالة اغتصاب كسلاح حرب.

كتب محمود محيى
اليوم السابع

Exit mobile version