تنشغل وسائل الإعلام العبرية بتقديرات نشرها الجيش الإسرائيلي الثلاثاء، حول استعدادات تجري على قدم وساق داخل منظمة حزب الله اللبنانية، تحسبا لإمكانية الدخول في حرب طويلة ضد إسرائيل، متوقعا أن تشهد هذه الحرب أحداثا لم تعرفها الحروب الإسرائيلية السابقة.
ونوهت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن التقديرات التي طلبها المستوى السياسي من الجيش للعام الجاري، بشأن الأوضاع المحيطة بإسرائيل، وإذا ما كانت تنذر بتداعيات على أمنها، حملت هذا العام حساسية مفرطة، ليس لأن الحديث يجري عن حرب وشيكة، ولكن نظرا للتوترات الملحوظة في البلدان المحيطة بإسرائيل والتي تشاطرها الحدود، وما يمكن أن يحمله ذلك من تداعيات حال نجحت تنظيمات إرهابية في تأسيس نفسها وقوتها في تلك المناطق.
وتشير وسائل الإعلام إلى ما ورد بهذه التقديرات، وتؤكد أن الجيش الإسرائيلي وضع أمام المستوى السياسي رؤيته التي تتمسك بأن الخطر الرئيسي يأتي من الشمال، أي منظمة “حزب الله” اللبنانية في المقام الأول، ومن الجنوب، أي حركة “حماس” في غزة، والتنظيمات الإرهابية في سيناء، على حد زعمه.
وعلى المستوى الإستراتيجي يقدر الجيش الإسرائيلي أن “ثمة احتمالات معقولة لتحول الحدود الإسرائيلية من جميع الاتجاهات إلى خطر محدق، في ظل تنامي خطر التنظيمات الإرهابية وضعف الأنظمة الحاكمة في الدول المجاورة، أو عدم قدرتها على الحسم ضد هذه التنظيمات” على حد زعمه.
وطبقا للتقديرات التي نشرها الجيش الإسرائيلي، فإن الحرب على الجبهة الشمالية “حال اندلعت لأي سبب” سوف تشهد هذه المرة استخدام “حزب الله” أسلحة نوعية جديدة، منها عبوات ناسفة ضخمة، وصواريخ مضادة للطائرات، غير مستبعد أن تشهد تلك الحرب المفترضة إسقاط مقاتلات إسرائيلية بواسطة المنظمة اللبنانية، التي حسنت من ترسانتها الصاروخية كما وكيفا، واحتمالات سقوط الكثير من الجنود الإسرائيليين أسرى في أيدي “حزب الله”.
وبحسب التقديرات التي شاركت في إعدادها شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، حول “آخر المستجدات بشأن المخاطر الحدودية المحدقة بإسرائيل”، فإن حرب من هذا النوع سوف تكون طويلة الأمد، وسوف تكون أطول الحروب التي تخوضها إسرائيل ضد المنظمة اللبنانية، وأن ردود الفعل التي سيلجأ إليها الجيش الإسرائيلي حال تحقق السيناريوهات المفترضة تشمل تدمير لبنان بالكامل.
وركزت التقديرات على حقيقة أنه من غير الممكن التعويل على انشغال “حزب الله” بالحرب السورية بشكل كامل، أو حالة الردع التي حققها الجيش الإسرائيلي في مقابل المنظمة اللبنانية، حيث أن حادثة ما قد تقع على الحدود الشمالية، ستقود إلى حرب شاملة، واصفة إمكانية اندلاع هذه الحرب بـ”المتوسطة” ومضيفة أنه لا يمكن اعتبار أن فرص اندلاعها منعدمة تماما، أو على النقيض كبيرة للغاية.
ولفتت التقديرات إلى أن حزب الله حول 200 قرية وبلدة بجنوب لبنان إلى مواقع عسكرية كبرى، ويستثمر أموال طائلة في بناء مخزونه الصاروخي، وتحسين دقة وقدرة هذه الصواريخ بهدف إحداث أكبر قدر من الدمار والخسائر لدى الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ويخطط لنقل الحرب القادمة إلى داخل العمق الإسرائيلي، فضلا عن امتلاك المنظمة شبكة أنفاق هائلة تحت الأرض تصل إلى داخل حدود إسرائيل.
ورأت الأجهزة التي شاركت في وضع هذه التقديرات أن الاعتقاد بأن انتقام “حزب الله” لاغتيال قادته في سوريا، وآخرهم “سمير القنطار” قد استنفذ، هو اعتقاد ربما يكون خاطئ، لأن المنظمة اللبنانية وأمينها العام “حسن نصر الله” همل على تهدئة الأجواء الداخلية بالمنظمة بعملية مزارع شبعا الأخيرة، ولكن الرد الحقيقي لم يصدر بعد.
ويعتقد واضعو تلك التقديرات أن لدى “حزب الله” خطوط حمراء، لن يمكنه الصمت على تجاوزها، وأنه من المرجح أن اغتيال “القنطار” وغيره من القيادات بالمنظمة يعد تجاوز لتلك الخطوط الحمراء.
ورسمت تقديرات جيش الاحتلال صورة للسيناريو الذي تتمسك به إسرائيل منذ فترة، بشأن تدمير البنية التحتية اللبنانية بالكامل، وزعمت أن الحرب القادمة، واستخدام “حزب الله” للأسلحة الجديدة التي لم يستخدمها من قبل، سوف تجد ردا إسرائيليا مدمرا، سوف ينجم عنه أزمة لاجئين كبرى في لبنان، حيث سيجد عشرات الآلاف من اللبنانيين أنفسهم بلا مأوى، فيما سيدفن الآلاف تحت أنقاض المنازل والمنشآت التي ستدمر بفعل قصف سلاح الجو الإسرائيلي.
العربي الجديد