قصة “عائشة” التي هتفت ضد السيسي في ميدان التحرير

في الحادية عشرة وخمس وعشرين دقيقة من صباح يوم الإثنين، برزت بميدان التحرير فتاة ثلاثينية ترتدي عباءة زيتية وخمار أبيض من أقمشة تروج في أسواق البسطاء، ولها جسد هزيل ووجه بملامح شاحبة.

أثار وجود الفتاة غضب بعض المحتفلين من أنصار الجيش والشرطة، إذ رفعت يدها، بشكل مفاجيء، بعلامة “رابعة” في وجوههم، مرددة في صوت واهن وبملامح باكية هتافات ضم الشطر الأول منها التغني بحياة الوطن ومحبته، قائلة، أكثر من مرة: “تحيا مصر .. أنا بحب مصر”، فيما ضم الشطر الثاني من هتافاتها، سبابا للسلطة، وكلمات مستعارة من هتافات الإخوان وأنصارهم ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ترفض توليه حكم البلاد.

مرددا هتافات وسباب ضد الإخوان وأنصارهم، مدّ أحد المؤيدين يده نحوها، وكاد يضربها بقطعة خشبية يستخدمها كحامل لصورة الرئيس، إلا أن أحد أمناء الشرطة بادر باصطحابها بعيدا، ولاحقهما بعض المؤيدين غاضبين، أحدهم يصيح “فتشوها .. هاتوا واحدة ست تفتشها”، وآخر يهتف في وجهها بحماس “السيسي .. السيسي”، فترد في حماس مضاد، وصوت ضعيف، بعبارات نابية.
التف حولها نحو خمسة ضباط وعدد من أمناء الشرطة، يحمل كل منهم جهازه اللاسلكي، بعضهم في ثياب مدنية وآخرون في الزي الرسمي، ودعوا المتظاهرين المؤيدين للانصراف بعيدا، ورافق محرر “الشروق”، الفتاة، التي تدعى “عائشة”، بحسب مناداة أحد الضباط لها، في مدخل شارع طلعت حرب، وبين دقيقة وأخرى كانت تهتف بصوت لا يكاد يسمعه الواقفون حولها، مرددة ذات العبارات التي ترد في تظاهرات الإخوان وأنصارهم.
“مريضة مشوها من هنا”، هكذا تحدث بعض المارة، “مفيهاش حاجة دي زي القرد”، وبالعبارة الأخيرة تحدث متظاهر متحمس لإسكاتها، إلا أن قرار الضباط كان منحازا لأراء بعض المارة، إذ دعا أحدهم لإحضار سيارة أجرة لصرفها بعيدا عن الميدان لضمان عدم وقوع اشتباكات بينها وبين أي من المتواجدين.
في حوالي الثانية عشرة تماما أحضر أمين شرطة سيارة تاكسي لاصطحابها بعيدا، إلا أنها قاومت الركوب، ثم أذعنت في النهاية، والتقط أحد مصوري صحيفة مملوكة للدولة، صورة ركوبها السيارة فسأله أحد الضباط عن هويته فرد بأنه ينتمي لجريدة حكومية، وذكر اسم صحيفته، قائلا :” احنا بندلل على أن الشرطة منعت وقوع مشكلات لفتاة مريضة وأبعدتها عن الميدان، ولو عايزني أحذف الصورة هحذفها”.
وردا على سؤال لـ”الشروق”، بشأن الموقف من الفتاة وما إذا كانت ستمثل لأية إجراءات قانونية، قال أحد الضباط :” ولا إجراءات قانونية ولا غيره، معملتش حاجة”.

كتب – إسماعيل الأشول: الشروق المصرية

*الصورة اعلاه
عائشة في ميدان التحرير- تصوير إبراهيم عزت

Exit mobile version