بسم الله الرحمن الرحيم
((… متي يهدم المصريين السد العالي…))
1- يبلغ معدل جريان النيل الأبيض السنوي قبل الوصول إلى الخرطوم (29.6 مليار) متر مكعب/السنة، والنيل الأزرق في الخرطوم (49.7 مليار) متر مكعب/السنة، ونهر عطبرة (11.7 مليار) متر مكعب/السنة. أما نهر النيل قبل أسوان أقصى جنوب مصر فيبلغ 84 مليار متر مكعب/السنة أو 90 مليارا إذا أضفنا إليه كمية التبخر. هذا ناتج ما تبقى بعدما تستنفد الدول المشاطئة حاجتها من المياه.. ومن الجدير بالذكر أن مساهمة النيل الأزرق تساوي (ضعف) مساهمة النيل الأبيض في مياه نهر النيل، ولكن تبقى هذه النسبة (متغيرة) إذ تخضع للمواسم المطرية القصوى والدنيا على مدار السنة، مع العلم بأن جريان النيل الأبيض يبقى شبه (ثابت) خلال الفصول الأربعة، وبذلك تصبح مساهمة النيل الأزرق (90% والنيل الأبيض 5%) عند الذروة أي بين (شهر يوليو -سبتمبر) في حين تصبح (70% للأول و30%) للثاني أي خلال الفترة بين (أكتوبر-يونيو من العام التالي) عند الحالات الدنيا حسب الفاو.
2- تنحصر الموارد المائية المصرية في مياه النيل وتحدد اتفاقية مياه النيل الموقعة عام 1959 بمناسبة البدء في إنشاء السد العالي أن متوسط الإيراد الطبيعي للنهر عند أسوان بما يعادل 84 مليار متر مكعب سنوياً توزع (55.5 مليار) متر مكعب لمصر + (18.5 مليار) متر مكعب للسودان + (10 مليار) متر مكعب للبخر من بحيرة ناصر.. وصول 84 مليار متر مكعب سنويا لهو أمر ضروري جدا حتى يمكن بناء ضاغط الهيدروستيكي فوق تروبينات السد أكبر يتراواح بين (74 متر عند منسوب بحيرة ناصر = 175) أو (50متر عند منسوب بحيرة ناصر 151 فوق سطح البحر) ..
3- إلا أنه عمليا من الصعب جدا الإحتفاظ بهذا العمود المائي على مدار العام .. لذلك فإرتفاع الضاغط الهيدروستيكي فوق التروبينات (وليس أنفاق فتحات التروبينات عند 147) فمن الممكن أن يتراوح الضاغط الهيدروستاتيكي بين (74-50) متر .. وحتى تضمن إستمرار إنتاج التروبين للكهرباء تحت ضاغط منخفض فلابد أن تعوضه بزيادة كمية التصرف .. فالطاقة المنتجة من التروبين تعادل حاصل ضرب (الضاغط الهيدروستيكي * كمية المياه المتصرفة في الساعة) .. فعلى سبيل المثال حتى ينتج التروبين طاقة قدرها 100 ميجاووات بضاغط (50متر) فغننا نحتاج تصريف يعادل (220 متر مكعب/ثانية) .. بينما لتوليد نفس الطاقة بإستخدام ضاغط هيدروستاتيكي (74 متر) فإننا نحتاج أقل من (165 متر مكعب/ ثانية) فقط
4- يصل إجمالي الطاقة التخزنية لبحيرة السد العالي لقرابة 162 مليار متر مكعب .. منهم 72 مليار متر مكعب مستغل في التخزين الميت الغير مستفاد منه في توليد الكهرباء بينما الــ 90 مليار متر مكعب الأخرى تمثل التخزين الحي الفعال المسبب لتوليد كهرباء السد العالي .. وتنحصر تلك الــ 90 مليار بين منسوب 147 إلي 175 فوق سطح البحر .. أي أن إرتفاع التخزين الفعال هو (175-147= 28) متر فقط.
5- مع نهاية إكتمال سد النهضة عام 2017 وإستكمال حجز الخزان ذات السعة 74 مليار متر مكعب سيكون السدود الثلاثة التي تعلو سد النهضة قد تم الإنتهاء من تجهيز مواقعها من الغابات وبداء التنفيذ الفعلي لصب خرسانات طبقة الأساس لهم جميعا في آن واحد.. وينتظر تصل سعة السد الأول كاردوبي (لــ 40 مليار) متر مكعب + بينما تصل سعة مخزون السد الثاني مندايا لقرابة (28 مليار) متر مكعب + بينما تصل سعة الخزان الثالث بيكوبا لقرابة (2 مليار) متر مكعب + وتصل سعة خزان سد النهضة (لـ 74 مليار) متر مكعب.أي أنه بحلول عام 2021 سيكون المطلوب حجزه من مياه نهر النيل الأزرق عند نقطة الحدود السودانية إجمالي يصل لقرابة (144 مليار) متر مكعب في وقت لايصل فيه متوسط التدفق عند نقطة الحدود السودانية- الإثيوبية لأكثر من (48 مليار) متر مكعب فقط.
6- معني أن تبدأ إثيوبيا في تخزين 74 مليار متر مكعب بداية من أغسطس 2016 حتى أغسطس 2019 ببحيرة سد النهضة فهذا يعني إنخفاض مخزون بحيرة ناصر بنفس الكمية خلال 3 سنوات .. بينما بداية إثيوبيا في تخزين بحيرات السدود العلوية فوق سد النهضة بداية من عام 2021 هذا يعني حجز (70 مليار) إضافية داخل مجموعة سدود إثيوبيا الثلاثة العلوية .. وهذا يعني بشكل مباشر حرمان مصر من (70 مليار) متر مكعب خلال الفترة بين عام (2021-2024) .. وهنا يمكن القول بأن منسوب بحيرة السد العالي سيكون أوطي بكثير من فتحات التروبينات .. وذلك بعد إنتقال كامل مخزون بحيرة ناصر من شمال وادي النيل إلي جنوبه أي لخزنات السدود الإثيوبية الأربع.
6- فمن المعروف أن إرتفاع المخزون الفعال النشط أمام السد العالي ينحصر بين منسوب 175 إلي منسوب 147 أي قرابة 28 متر وبحجم يعادل 90 مليار متر مكعب بشرط تعويض المسحوب يوميا عن طريق المياه القادمة من أثيوبيا وهذا يمكن الإستفادة منه لتوليد الكهرباء .. أي إنخفاض أقل من منسوب 147 ستتوقف جميع التروبينات بالسد العالي .. بينما إذا إنخفض لمنسوب 132 عندئذ لايمكن مرور قطرة مياه واحدة إلي مصر إلا عن طريق فتحات الطوارئ عند منسوب 100أي قرابة 15 متر من قاع بحيرة ناصر.. وهنا ستتحول بحيرة ناصر لترعة صغيرة بعمق قرابة 15 متر فقط.
7- العلاقة بين خزنات السدود الثلاثة العلوية فوق سد النهضة ستكون بداية من عام 2021 هي علاقة إمتلاء كامل لتلك الخزنات على مدار (الــ 365 يوما) وذلك لضمان توليد طاقة مربحة من تلك السدود. ولذلك فتلك السدود العلوية لديها فتحات تهريب سفلية Sluice-way .. وهي التي تغذي بعضها من بعض بالإضافة للتصرف الخارج من التروبينات ..فالهدف من وجود فتحات الــSluice في أسفل كل من تلك السدود الثلاثة الداخلية هو ضمان وجود خزان ممتلء دائما على مدار العام .. يستنزف في توليد طاقة كهربائية قيمتها السعرية أغلى من الطاقة المنتجة من سد النهضة.فقط السدود الثلاثة التي تعلو سد النهضة هي التي بها فتحات سفلية Sluice-way.. بينما سد النهضة لايوجد به أي Sluice-way .. ولقد رفضت الحكومة الإثيوبية في بداية هذا الشهر طلب وزير الري المصري الذي إقترح هدم جزء من اساسات سد النهضة لعمل فتحات Sluice-way .. فرفض الطلب بحجة أنه جاء متأخر جدا.
8- بينما علاقة سد النهضة مع السد العلوي الذي يسبقه هي علاقة تختلف عن طبيعة العلاقة بين السدود الثلاثة العلوية .. حيث تم تصميم الخزان الذي يسبق سد النهضة أي سد Mendaai ليكون صغير لايزيد عن (27 مليار متر مكعب) وأن يكون ممتلء طيلة العام ومن خلال ذاك الخزان ذات الــ 27 مليار سيتم تغذية خزان سد النهضة ذات الــ 74 مليار متر مكعب. ((( وهنا تحديدا ستكمن مأساة الشعب المصري))) والتي ستحول بحيرة السد العالي لبحيرة صغيرة وقد يستلزم الأمر بهدم السد العالي للوصول لمنسوب قاع نهر النيل قبل بناء السد أي منسوب 85 متر.
وسلام
دكتور مهندس/ محمد حافظ
أستاذ هندسة السدود وهندسة جيوتكنيك السواحل الطينية بجامعة Uniten-Malaysia