كلما كتبنا عن الراحل محمود عبد العزيز وعن مسيرته الفنية وتاريخه العريض، يطالبنا الكثيرون بأن لانتوقف، وان نواصل سرد حياة تلك الشخصية (المدهشة) والتى مثلت علامة فارقة في تاريخ الاغنية السودانية بشكل عام.
واليوم سأحدثكم عن الفرق مابين الراحل محمود عبد العزيز ومابين بعض الفنانين الشباب، هذا الحديث الذى ارجو ان ينزل (برداً وسلاماً) على افئدة اولئك الفنانين الشباب، والذين اصابت بعضهم مؤخراً (تخمة كاذبة) واكتسبوا اوزاناً اضافية (وهمية) من النجومية، جعلتهم يطلقون التصريحات (الشتراء) عن ذات اليمين وذات الشمال، ويهاجمون الصحف والصحافيين، ويمارسون استهزاء (قبيحاً) على كل قائل حق في فنهم وفي منتوجهم من (غثاء) الاغنيات.
الفرق ياسادتي بينكم والراحل محمود يتمثل في عدة نقاط، اولها (الموهبة الفطرية)، ذلك العامل الذى لايكتسب، وإنما يهبه الله عز وجل لمن يشاء، اما العامل الثاني فهو (القبول) وهو كذلك عامل لايكتسب، وينال نفس صفات العامل الاول، والراحل كان موهوباً ومقبولاً من كل الناس، كبيرهم وصغيرهم، مثقفهم واميهم، وتكفي المقولة الاشهر لاستاذ الاجيال ابو العزائم: (سمح الغناء في خشم محمود).
عامل آخر يفصل مابين محمود وبعض الفنانين الشباب اليوم، يتمثل في إحترام الفنان للجمهور عبر مايقدمه الفنان من منتوج واغنيات، ولااظن ان اياً من الفنانين الشباب المتواجدين في الساحة الفنية اليوم يمتلك (ربع) ذلك المنتوج (المحترم) الذى قدمه محمود عبد العزيز لجمهوره.
بالتأكيد لن انسى ان اذكر الفنانين الشباب المتواجدين في الساحة الفنية اليوم بتلك الحروبات والمصائب والابتلاءات التى تعرض لها محمود في حياته، والتى كانت كفيلة بأن تنهي مسيرته كلها، لكنه كان صامداً وقوياً، واستطاع ان يعبر من كل تلك الابتلاءات بصبر وجلد وعزيمة قبل ان يغني لجمهوره: (ابقوا الصمود…ماتبقوا زيف).
قبل ان اغادر هذه النقطة دعوني اسأل هؤلا الفنانين الشباب: (ماهي المصائب والابتلاءات التى تعرضتم لها في حياتكم الفنية)..؟…بالتأكيد لن تجدوا اي ابتلاءات اومصائب بخلاف وقوف احدكم امام محكمة الملكية الفكرية في نزاع حول اغنية ليس إلا..(هذا اذا جاز لنا ان نسمى هذا الموقف ابتلاء).!
الحديث عن محمود يطول ويطول، ويمكن ان نكتب في الراحل عشرات المقالات دون ان نصل الى رضاء تام عن انفسنا، ليس لأننا (مقصرين) ولكن لأن ذلك الشخص استثنائي بكل المقاييس، وهذا هو الفرق الحقيقي مابينه وبين بعض ممن يدعون الفن.
جدعة:
اعزائي الفنانين الشباب…بالتأكيد لستم في حاجة لأحكي لكم عن جمهور هذا الفنان الراحل الذى تزايد بعد وفاته، وقلت من قبل ان الفنان الذى يتزايد جمهوره بعد رحيله هو بلاشك (اسطورة) تستحق ان نحترمها ونقدرها ونحكي عنها لابنائنا وبناتنا كجزء لايتجزأ من تاريخ طويل للفن السوداني عبر الحقب والازمنة.
شربكة أخيرة:
رجاء لاتقارنوا انفسكم بمحمود..ولاتدخلوا (تجاربكم المتواضعة) في مقارنات معدومة..بل اسعوا لأن تأخذوا هذا الراحل كقدوة وكمثال فيما يتعلق بكيفية نيل النجومية وبناء جمهور عريض يسد قرص الشمس عدداً..(الا قد بلغت..اللهم فأشهد).