لقد أصبح عملياً “الدقير” هو زعيم المعارضة بدلاً عن الإمام “الصادق المهدي” ود.”حسن الترابي” وقيادة الحزب الشيوعي كيف ولماذا؟؟
تلك قصة نعود إليها بعد ذكر واقعة إعجاب د.”غازي صلاح الدين” حينما كان مستشاراً للرئيس نافذاً في الحكم قريباً من “الترابي”، بالحزب الشيوعي السوداني، والبيان الذي أصدره في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي يحرض فيه الشعب للتظاهر ضد الحكومة وإسقاطها، ويمدح الحزب الشيوعي في الوقت عينه حركة التمرد وقائدها “جون قرنق” ،وهي تحارب الجيش الوطني، فكيف حدث ذلك!!
حملتني خطاي والأستاذ الصديق والصحافي الذي حرم السودانيين من قلمه الرشيق وعمق معرفته الأستاذ “حسن” (البطل) ، الذي لا يجمعه بـ”عبد العزيز البطل” جامع.. و”حسن أحمد حسن” ، لمن لا يعرفه من أبناء الجيل الحديث من الكُتاب المصادمين، والده الأستاذ “أحمد حسن” بالجامعة الإسلامية، ووالدته (ماما) “سعاد الفاتح”.. ضاقت به أوعية تنظيم الحركة الإسلامية ،وضاق بها.. فاختار الهجرة لأرض الله الواسعة.. ذهبنا لـ”غازي” ذلك المساء فأخرج من حقيبته بياناً للحزب الشيوعي، طلب منا قراءته جيداً وعجزنا عن رد الأسئلة التي وجهها إلينا د.”غازي” عن البيان الشيوعي الصادم للإنقاذ ، والمثير لغضب قادتها بما في ذلك د.”غازي” نفسه، لكنه أعجب بمظهر البيان من حيث إحكام (الصياغة) وجزالة اللغة، التي كتب بها وحرص الحزب الشيوعي على التدقيق اللغوي والطباعي. فقال “غازي” إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه.. ود.”غازي” من السياسيين القلائل الذين يهتمون جداً بالمظهر والمحتوى، لذلك كثيراً ما يصوب الصحافيين بعد النشر.. ومن الأحزاب المعارضة التي (تتقن) عملها حزب المؤتمر السوداني، الذي كان يقوده “إبراهيم الشيخ”، فانتقلت (أمس) القيادة للأستاذ “عمر الدقير” شقيق الوزيرين ،د.”جلال يوسف الدقير” في القصر، و”محمد يوسف الدقير”، الذي تتجول وزارته بين أحياء الخرطوم كالفراشة بين الأزهار.. وتنحى “إبراهيم الشيخ” من قيادة حزب منعه من اللا شيء ، وجعل منه أكبر حزب معارض الآن أو أكثر حزب معارض بالفاعلية، وليس (الكم) حتى لا يتهمنا الأنصار وحزب الأمة، بالتعدي على وزنهم الافتراضي التاريخي . تعتبر سابقة جديدة أرسى قواعدها هذا التاجر الشاطر والسياسي الطموح.. وقبل أيام حدثني مسؤول كبير جداً في الحكومة من الذين لهم صلة مباشرة بملفات الأمن والشأن العسكري، بأن أكثر حزب في الساحة مثير (لقلق) السلطة، وينشط أعضاؤه في معارضة النظام هو حزب المؤتمر السوداني، ولم يخفٍ المسؤول الكبير رغم بغضه لـ”إبراهيم الشيخ” وحزبه حينذاك، الإعجاب الخفي بجسارة الشباب الذين يتحدثون في المنابر، ويتعرضون للمحاكمات والجلد، بينما الأحزاب التي تسمي نفسها كبيرة (غارقة) في الأحلام الوردية ، وقياداتها تطوف عواصم الدنيا وتحدث الشعب عن انتفاضة ،لم تسعَ لها ولا تستطيع التضحية في سبيل قيامها.. وحزب المؤتمر السوداني اختار “عمر يوسف الدقير” رئيساً له بعد أن ساهمت الحكومة بقدر في هذا الاختيار لا حباً في “عمر الدقير” ولا مجاملة لأولاد الدقير، الأوفياء “جلال ومحمد” اللذين بفضلهما (انفتحت) الإنقاذ على المعارضة، و”الدقير” هو عرّاب التقارب بين “الهندي” والإنقاذ، و”محمد يوسف الدقير” هو مهندس العمليات الصامتة بين “البشير” شخصياً والاتحاديين.. وكان “عمر الدقير” معارضاً في دولة الإمارات العربية المتحدة، يكتب في (الأسافير)، أي معارض أسفيري.
ولكن الحكومة ضاقت به وهو بعيد عنها فأوعزت لأصدقائها في الإمارات بإبعاد (الدقير)، ظناً منها أن الشاب الثوري سيغادر الخليج ،ويصبح كاتباً (اسكندنافياً) أو (أمريكياً)، ولكنه حمل حقائبه ودخل “الخرطوم” ليضفي على حزب المؤتمر السوداني حيوية ودماء جديدة.. ويصبح زعيماً للمعارضة الجديدة.. وبذلك يضيف لأولاد (عمنا) “يوسف الدقير” ضلعاً رابعاً. فإذا كان د.”جلال” هو عميد الأسرة وعمادها.. فإن “محمد يوسف الدقير” هو قلبها النابض ورياضي.
يعتبر “عثمان الدقير” ، هو الرئيس القادم لقيادة نادي المريخ، ولم يترك أولاد “الدقير” ساحة المعارضة لغيرهم، ليأتي “عمر الدقير” و(يتحكر) في وسطها مقدماً نفسه ،البديل لـ”لترابي” و”الصادق”.
أما السيد “الميرغني” فقد ترك الجمل بما حمل ،وبات بعيداً عن الاتحادي، لكنه كلما نظر لحيوية أولاد “الدقير” ردد في سره (لو بإيدي)!!