خلونا نعترف ونبصم بالعشرة أن المجتمع السوداني في السنوات الأخيرة شهد تحولات وتغييرات جذرية في كل مفاهيمه المجتمعية والأخلاقية. ولعل التقاطعات التي حدثت في دنيا السياسة والاقتصاد ألقت بظلالها القاتمة على مساحات وبيوت وبراحات السودانيين بشكل ملاحظ، وأصبح الحنين إلى الماضي هو العنوان العريض في الونسة والنقاش لا فرق في ذلك بين المدن والقرى، وإن كانت الأخيرة ما زالت تحتفظ ببعض من طهارة تمكنها من دخول محراب النقاء وسمو الأخلاق وجميل الصفات.. وخلونا نتفق أيضاً أن المتغيرات التي حولنا في المنطقة من حروب ونزوح ولجوء ساهمت في رسم هذا المشهد وشكلت بعضاً من تفاصيله، وبلادنا أضحت وعاءً يجمع أجناساً مختلفة بلغتها وسحناتها وثقافاتها وأخلاقها لتصبح جزءاً كبيراً ومؤثراً في حركة المد والجذر التي أصابت المجتمع السوداني ،وغيرت من تفاصيل، كانت حصرية عليه بلا أدنى شك، دون أن ننسى في هذا التحول أن نحمّل الإعلام والفضائيات الخارجية قدراً كبيراً من تغيير الخارطة الإنسانية السودانية ،وهي تدخل البيوت بلا استئذان، ودون أن تدق على القيم والمثل وتنتظر حتى يؤذن لها بالدخول أو لا يؤذن!!
قصدت أن أقول من وراء هذا الحديث أن حسن النية وسياسة القلب المفتوح التي تتسم بها معاملاتنا مع الآخرين ما عادت مناسبة ولا صالحة للاستعمال في هذا التوقيت، إذ إن أجراس إنذار دواخلنا ينبغي أن تكون دائماً مستعدة لأن تقرع قبل وقوع الكوارث والمصائب التي تحدث تحت بند حسن النية و”ما كنت متخيل فلان ده كده”!! وعلى فكرة، حسن النية تجاه الآخر ليس شعبياً فقط لكن حتى المعاملات الرسمية أحياناً تخضع لهذا القانون السوداني البحت وأقصد حسن الظن بالآخر حتى يثبت العكس بدليل حادثة سرقة الذهب الأخيرة بسوق الصاغة، وحسن الظن يبلغ منتهاه حتى عند الجهات الأمنية تجاه شخص أبدى كل معايير الالتزام وجاهر بها لكنه كان يضمر سوءاً، لا أظن أننا حتى سنبالغ ونطالب الشرطي أن يبلغه بحدسه، لأن حسن النية متوفر ومعطياته ظاهرة للعيان.
أمس دار بيني وبين الأخ مدير عام المرور سعادة اللواء شرطة “عمر المختار محمد حاج النور” حديث طويل حول بعض الإشكالات التي يقع فيها المواطن بسبب حسن النية، وضرب لي مثلاً على ذلك أن شخصاً ما يشتري سيارة بواسطة وسيط دون أن يلتقي بصاحب السيارة المباعة ، وغالباً لا يعرف اسمه أو عنوانه أو حتى مكان عمله، وما أن تقع مشكلة يجد الشخص نفسه يتعامل مع مجهول، لا يدري عنه شيئاً، وهناك قضايا كثيرة من هذه الشاكلة.. لذلك أعتقد أنه وعلى المستوى الشخصي لنا كبني آدميين علينا أن نرفع معدلات الحذر وندقق في أشياء كثيرة كنا في الماضي لا نعيرها انتباهاً، وعلى المستوى الرسمي ينبغي أن تكون درجات الحذر أكبر ، لا سيما وأن بلادنا الآن وجهة وملاذ لكثير من اللاجئين الذين لا أحسب أنهم يحملون الحزن فقط على بلادهم وما تعانيه وليسوا كلهم “هابيل” المجني عليه، فكم من “قابيل” يحوم بيننا، لكن حسن النية الزمان مانعنا الشوف.
{ كلمة عزيزة
لا أجد مبرراً واحداً للدعوة التي أطلقها بعض السادة نواب البرلمان للملمة موضوع إدارة الحج والعمرة، لأن القضية ليست ثنائية، بمعنى أن تخص البرلمان و”المطيع” ، ليتنازلا عنها وقتما يشاءان! القضية تخص الشعب السوداني ومجرد (دمدمتها) بهذا الشكل يرسل إشارات ليست في مصلحة الحج والعمرة ولا نواب البرلمان أنفسهم.
{ كلمة أعز
طبعاً ظننتها في بادئ الأمر الكاميرا الخفية ، واللواء “فضل الله برمة ناصر” يستنجد (بالأمن) لمنع “مبارك المهدي” من إقامة فعالية داخل بيت “المهدي”.. طيب يا أهل الخير: مش ده ياهو الأمن الذي لم يسلم من اتهامات حزب الأمة، ومن تقريع “الصادق المهدي” ودكتورة “مريم” و”سارة نقد الله” الخ.. يا جماعة الخير أي نموذج مضحك تقدمه أحزاب المعارضة في ممارسة سياسية غير شفافة!! فإذا كان- وعلى حد وصف اللواء “برمة”- أنهم يناهضون (الطفولة السياسية) فإن هذا الطلب يمثل (الأضحوكة السياسية) ويا ناس المعارضة أسمع كلامكم أصدق ، أشوف عمايلكم استعجب.