بالنسبة للولايات المتحدة واليابان وحلفائهما، فإن القلق يتصاعد في أن الصين ستتوجه إلى الانفراد قوى عظمى تحدد هي بنفسها أي نوع من القوى ترغب في أن تكون حتى مع اندماجها الحالي في الاقتصاد العالمي ومؤسساته، ولكنها سعت إلى تأسيس منظماتها البديلة التي تتحدى بها النظام الإقليمي والدولي القائم الآن، سلسلة من الأحداث والتطورات الأخيرة بما فيها تفعيل الدبلوماسية مع الشرق الأوسط من شأنها أن تعقد كل محاولة لتقييم استراتيجية بكين الدولية.
خلال الأشهر القليلة الماضية شهد العالم تحركات مثيرة للاهتمام – تكتيكا على الأقل- لتكييف الدبلوماسية الصينية مع الوضع العالمي في مرحلة ما بعد العام 2008، وباتت أكثر ميلا إلى المشاركة العالمية على سبيل المثال، نجد في سبتمبر انعقدت القمة بين الرئيسين الصيني جانبينغ والأمريكي باراك أوباما، حيث التي تعهد خلالها الرئيس الصيني ظاهريا بالتعاون في مجال الأمن الرقمي، وهو أكثر الموضوعات التي تهيج العلاقات بين البلدين وبصورة درامتيكية عادت الصين إلى تدفئة علاقاتها مع الجوار الآسيوي، حيث التقى الرئيس الصيني مرتين مع رئيس الوزراء الياباني وأعادا إحياء الآلية الثلاثية بين الصين وكوريا الجنوبية واليابان، وقام بتطبيع العلاقات مع فيتنام والفلبين في تحرك ذكي وغير مسبوق التقى الرئيس التاياوني ما بينغ جيو في سنغافورة مؤخرا.
وفي وقت تتوسع رقعة التحالفات الأمريكية من اليابان إلى الهند، فإن محور الحملة الدبلوماسية للرئيس جانبينغ سيكون (الغرب الأوراسيوى)، وفي رد على حملة (اعادة التوازن ) في آسيا التي تقودها أمريكا توزع الصين الهبات على جيرانها في إطار حملة (طريق واحد، حزام واحد)، ولكن السؤال المهم والملح هل هذه الدبلوماسية الصينية الأكثر اعتدالا الآخذة في الظهور هي مجرد تحول تكتيكي أم اعتراف بفشل التوجهات السابقة والبدء في مرحلة أكثر انفتاحا على العالم، فعلى سبيل المثال كان القلق من اقتراح الصين تأسيس البنك الآسيوي لتمنية البنيات التحتية (ايه اي اي بي) هو أن بكين ربما أرادت بذلك أن يكون بديلا عن مؤسسات بيرتون وودز مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التمنية الآسيوي (ايه دي بي)، ولكن الصين قالت إن بنك تمنية البنيات التحتية سيكون شريكا للبنك الدولي و(ايه دي بي) بمعايير توافقية وليس تنافسية، ولكن اليوم أصبح البنك ومعه بنك بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون مؤسسات مالية تنافسية ودعوة الرئيس الصيني إلى تأسيس نظام أمني جديد قائم على أن (آسيا للآسيويين) واعتماد (الرينمينبي) الاسم الآخر للعملة الصينية اليوان كعملة احتياط دولية جميعها تشير إلى أن الصين تملك رؤية تنافسية للنظام العالمي وأن جهود بكين الحالية تصب في خانة إعادة تموضعها في العالم كقوى عظمى بعد قرن من الذل.