:: الأخ حازم عبد القادر، الناطق الرسمي باسم بنك السودان، صباح الخير ..إليك – أولاً – هذه الحكاية ..ربما تذكر بعض تفاصيل أزمنة الإبتدائية، ومنها تقسيم طلاب الفصل إلى جماعات ثم يُسلم كل جماعة نسخة من خريطة القرية..وبالخريطة كل معالم القريةو المسارات التي يجب أن تسلكها الجماعة، وكان لكل جماعة قائد و مسار يختلف عن مسارات الجماعات الأخرى..وكان المطلوب يومئذ هو أن وصول التلاميذ عبر جماعاتهم إلى أمكنة بها (حلوى مخبوءة)، ثم العودة إلى المدرسة – بالحلوى – سريعاً.. ولأن العثور على الحلوى – بواسطة خرائط القرية – لم يكن سهلاً، كنا نفرح ثم ننال الجائزة الكبرى..!!
:: واليوم، بعد تخريب المناهج وطرائق التعليم والاستيعاب، لم يعد للحلوى المخبوءة مكاناً في (جدول الحصص)..ولكن تم نقل التعليم والاستيعاب عن طريق الحلوى المخبوءة من مدارس زمان إلى عالم الأدوية وشركاتها، وعلينا أن نشكركم على هذه (النقلة النوعية).. منذ أسبوع ونيف، نراك تتساجل مع شركات الأدوية حول توفير العملة الأجنبية المراد بها استيراد الدواء.. أنت تؤكد توفيره للعملة الأجنبية من عائد الصادر ( 10% )، ولكن الشركات تنفي وتحملكم مسؤولية غلاء أسعار الأدوية.. !!
:: وأمام هذا السجال ، كان لزاماً علينا البحث لمعرفة ما يحدث في هذا الأمر..لم تكذب يا حاتم بتأكيدك على توفر الدولار، و ربما نسبة عائد الصادر – 10% – تكفي وتزيد عن حاجة ميزانية الدواء ..وكذلك تصدق بعض الشركات في شكواها : (ما في دولار).. أي كلاكما على صدق (نفياً و تأكيداً).. كيف؟..حسناً، يجب التوضيح..بقرار تخصيص نسبة من عائد الصادر لصالح الأدوية (10%)، نجح بنك السودان في توفير دولار الأدوية ببعض المصارف التجارية.. وهي المصارف الناشطة في مجال الصادر..وبخزائن هذه المصارف – وهي محدودة- يقبع دولار الأدوية..!!
:: ولكن وصول شركات الأدوية إلى خزائن هذه المصارف التي تحتفظ بدولار الأدوية بحاجة إلى خرائط كتلك التي كنا نبحث بها عن الحلوى و(نجدها أو لا نجدها).. فالمصارف – كما تعلم – لا تتعامل في الاستيراد والتصدير إلا مع عملائها، ولذلك تمنح الدولار المخصص للدواء فقط للشركة التي تتعامل معها قبل صدور قرار ال (10%)، وترفض للشركات (غير العميلة)..أي (إنت وحظك)، لو كنت عميلاً للمصرف الناشط في مجال الصادر تحظى بالدولار الحكومي، وإن لم تكن عميلاً تشتري الدولار من (السوق الأسود)..وهذا ليس عدلاً..فالعدل يقتضي جمع نسبة عائد الصادر – ال 10% – من المصارف في محفظة بالبنك المركزي – أو بأي بنك يختاره البنك المركزي – ثم توزيعها للشركات حسب الأصناف الدوائية المطلوب إستيرادها..!!
:: ويا عزيزي حاتم .. بدلا عن هذا السجال ( الما مفيد)، إستغلوا الحدث وكافحوا المافيا وأحفظوا للبلاد بعض (أموالها المهدرة)..ميزانية الأدوية لا تذهب للأدوية، بل للكريمات – المحتلة تلاتة أرباع مساحة أي صيدلية – ولأغراض تجارية منها (السوق الأسود) .. وعليه، كما تم كشف حجم الإستهلاك الحقيقي من القمح المدعوم وما كان يتم تهريبه أوتسويقه تجاريا، يجب كشف حجم الإستهلاك الحقيقي من الأدوية المستوردة وما يتم صرفها على الكريمات وأغراض أخرى..ولجنة صيادلة مهنية تُشكلها وزارة الصحة – ولا تكون فيها لشعبة الشركات تمثيلاً- هي السلطة المناسبة لتحديد الأصناف الدوائية المطلوب إستيرداها، ثم تحديد شركاتها وإعتماد فواتيرها عبر مجلس الأدوية..وإرسال صورة من الفواتير المعتمدة إلى منافذ الجمارك لتأكيد التطابق من (البديهيات).. سد منافذ الفساد أسهل مما تتخيلون، ولكن يبدو أن المافيا (متوغلة جداً)..!!