أثار الحديث الذي أدلى به ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان لمجلة إيكونوميست، جدلاً واسعاً على مستوى العالم، خاصة أنه يتعلق بأكبر وأهم اقتصاد في العالم العربي، فضلاً عن أن السعودية هي أضخم منتجي النفط في العالم، وذات وزن كبير في الأسواق الدولية.
وتحدث الأمير السعودي بشكل عابر مع المجلة عن “التاتشرية” التي تشهدها المملكة، وهو المصطلح الذي لم يفهمه الكثير من المتابعين العرب، إلا أن أستاذاً في الاقتصاد بجامعة لندن لفت في حديثه لــ”العربية.نت” إلى أهمية ما يدور في ذهن الأمير، وأهمية الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها السعودية حالياً.
وكان الأمير محمد بن سلمان كشف في المقابلة التي أجرتها معه “إيكونوميست” أن السعودية تعتزم إدراج شركة “أرامكو” في سوق الأسهم، وهي أضخم شركة نفطية في العالم، فيما يأتي هذا الإعلان السعودي بعد شهور قليلة على فتح أبواب البورصة السعودية أمام المستثمرين الأجانب بشكل مباشر لأول مرة في تاريخ المملكة، وهو ما فهمه الكثيرون على أنه رسالة بالغة الدلالة.
وفسر الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة لندن، الدكتور ناصر قلاوون، حديث الأمير عن “التاتشرية” في السعودية بأنه “إعلان عن تغييرات جذرية في اقتصاد المملكة”، مشيراً إلى أن العبارة كانت ذات دلالة رمزية، إذ يشير بها إلى الإصلاحات التي نفذتها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة التي كانت تحمل لقب “المرأة الحديدية” مارغريت تاتشر، والتي غيرت شكل الاقتصاد البريطاني، وأدت إلى تحسين كبير في الاقتصاد وفي الأوضاع المعيشية للسكان.
وكانت “المرأة الحديدية” قد حكمت بريطانيا من العام 1979 وحتى العام 1990، وكانت أغلب تلك الفترة زعيمة لحزب المحافظين الذي يحكم اليوم، فيما شهدت فترة حكمها إصلاحات اقتصادية واسعة تضمنت رفع الدعم المباشر للدولة عن كثير من القطاعات، وهو ما أدى إلى انتعاش اقتصادي وتحسن في أحوال الناس، خلافاً لتوقعات من انتقدوها في تلك الفترة.
ويقول قلاوون إن تاتشر “استطاعت إغراء المستثمرين من داخل بريطانيا وخارجها من أجل الاستثمار في القطاعات العامة التي كانت تديرها الدولة وكانت تخسر، وتمكنت بخصخصة هذه القطاعات من تحويلها إلى قطاعات ناجحة ومربحة، فأدى ذلك إلى تحسين الخدمات للمواطنين، وجعل هذه القطاعات منتجة ومفيدة للاقتصاد في آن واحد”.
ويضيف قلاوون متحدثاً لـ”العربية.نت”: “التاتشرية” هي التي جعلت القطاع الخاص المحرك الأساس للاقتصاد من حيث التشغيل ومن حيث الربحية، مقابل تخفيف يد الدولة، وترك الدولة تدعم الشركات التي تحتاج الدعم فقط”.
ويخلص قلاوون إلى القول بأن السعودية تعمل حالياً على تحسين نوعية الخدمات، وفي الوقت ذاته تريد أن تجعل من الشركات التي تقدم الخدمات للمواطنين شركات مربحة ومفيدة للاقتصاد وليست عبئاً عليه، وهو ما يفسر لماذا رفعت الحكومة السعودية أسعار الطاقة والمحروقات، وأعلنت أنها بصدد خصخصة الشركة النفطية العملاقة “أرامكو”.
ويربط قلاوون بين الإعلان المتعلق بــ”أرامكو” وبين فتح السوق السعودية أمام الاستثمارات الأجنبية العام الماضي، لافتاً إلى أن “الأمير يريد القول للمستثمرين الأجانب بأنه لم يعد في السعودية قطاعات مقدسة ومحظورة على القطاع الخاص، بما في ذلك الشركات الناجحة والمربحة والمهمة”، كما أنه أراد القول بأن “الإصلاحات ستشمل كل القطاعات الاقتصادية وكل الشركات دون استثناء”.
يشار إلى أن سوق الأسهم السعودية باتت مفتوحة أمام صناديق الاستثمار الأجنبية العملاقة اعتباراً من منتصف العام الماضي 2015، فيما قامت إدارة “تداول” في نهاية العام الماضي بحملة عالمية من أجل الترويج للفرص الاستثمارية في سوق الأسهم السعودية.
لندن – العربية.نت