(1)
* مشهد أول
الزمان: موسم حج 2014م
المكان: مقر بعثة حجاج القطاع العام بمنطقة العزيزية في مكة المكرمة
* اعتصرت الغصة حلق الحاجة رقية عواض وهي تتحدث بحُرقة حشا عن حجم المعاناة التي تعيشها وحجاج قطاع النيل الأبيض، ولم تُفلح رقية في إكمال سرد مأساتها لأن (آمنة سليمان وكلتوم إبراهيم حامد) من قطاع النيلين لم تستطيعا صبراً على (بت حجتهما) حتى تكمل شكواها، وقامتا بتصعيد أصوات الاحتجاج بلهجة حادة، معترضتين على تقليص الوجبات وغيابها؛ خاصة وأن عدداً كبيراً من رفيقاتهما لا يحملن معهن مالاً للإعاشة بعد أن قمن بدفع قيمة إعاشتهن مُقدماً ولم يحصدن غير الجوع، وبينما الحديث يسير في هذا الاتجاه وجميعنا نقف أمام فندق البعثة تدخلت (الحاجة هدية إدريس) قائلة: “الأكل خليناهو هين، معقولة يجيبونا لفندق مويتو قاطعة نمشي نفتش الوضوء وغسيل الوش في الجوامع، وكمان هنا الموية بتقطع ولا نحنا جابونا يلعبوا بينا؟.. استغفر الله”.!
(2)
* مشهد ثانٍ
الزمان: منتصف نوفمبر 2014م
المكان: أستديو يتبع لقناة أم درمان الفضائية بالخرطوم غرب
* ها هو مدير إدارة الحج والعمرة المطيع محمد أحمد يلوي عنق الحقائق بطريقة مقززة في برنامج (نادي الاعترافات) الذي يقدمه صديقنا الحبيب عادل سيد أحمد، لذا لم أجد ما أستهل به حديثي لكاميرا البرنامج سوى المطالبة بتكريم الرجل باعتباره شخصية استثنائية يندر أن تجد لها مثيلاً.. طالبت بتكريم المطيع لأن من هو في (موقع إخفاقاته) يصعب عليه الخروج من المنزل خشية مقابلة الناس في الطرقات، فكيف لا نمنح وساماً رفيعاً لرجل بعد كل الذي حدث للحجاج لا يزال يملك وجهاً يطل به على الناس في وسائل الإعلام ولساناً يجادل به دون وجه حق، مع أنه للأسف يجلس على كرسي إدارة فقدت عند الناس الثقة والاحترام.
غادرت عمارة الفيحاء وقناعتي الراسخة أنه من حق المطيع أن (يتبجح) في وسائل الإعلام و(يتبختر) في الطرقات طالما أنه بعد كل الذي يحدث سنوياً من إذلال لزوار بيت الله الحرام لا يزال مديراً لإدارة الحج والعمرة، فلا المطيع ممن يعترفون بالفشل والتقصير ويتقدمون بالاستقالة، ولا وزير الأوقاف والإرشاد الذي تتبع الإدارة له قادر على محاسبة الرجل ورد اعتبار الحجاج بإصدار قرار إقالة.
(3)
* مشهد ثالث
الزمان: مطلع يناير 2016
المكان: المجلس الوطني
بكائية لا مثيل لها؛ وعويل متواصل، ونواب لجنة الشؤون الاجتماعية لا يعرفون ماذا يقدمون لوزير الدولة بوزارة الأوقاف والإرشاد نزار الشيخ الجيلي المكاشفي الذي اجتمعوا به ليقلِّبوا معه هموم المواطنين ذات الصلة بوزارته؛ فإذا بهم يجدونه يتقلب على نيران العوز و(قلة الحيلة) ليباغتهم بشكاوى غريبة الشكل والتفاصيل استهلها بمبنى الوزارة المؤجر و(الإيجار) الذي انتهى للأسف الشديد بنهاية الشهر الماضي وليس لديهم مال لدفعه لصاحب العقار فقد فشلوا في توفير (حق الإيجار) وصولاً إلى أنهم كوزارة لا يستطيعون إعطاء أحد مصحفاً إلا بـ”الشحدة”.
(4)
* محصلة
ما تعيشه وزارة الأوقاف والإرشاد التي تقدم وزيرها (الاتحادي) الفاتح تاج السر باستقالته لا يمكن إن يصدقه عاقل أو يقبله منطق.. وزارة عاجزة عن توفير قيمة إيجار المبنى الخاص بها كما أن وزيرها فر منها فرار السليم من الأجرب.. تحمل اسم (الأوقاف) إلا أنها عاجزة عن حماية أي وقف ولا تملك من صلاحيات محسوسة إلا (حق الشكوى) في وسائل الإعلام.. (الإرشاد) غائب تماماً وثمة تغيرات تحدث داخل المجتمع ووسط الشباب والطلاب ووفود تلتحق بداعش والوزارة لا تحرك ساكناً.. المساجد تتبع للولايات.. أهم إداراتها على الإطلاق (الحج والعمرة) تنمرت عليها وأصبحت (جسما متمددا) أقوى من الوزارة ولا تستطيع محاسبة القائمين على أمرها وتقف مثل الآخرين متفرجة وملف الحج يطوف كل البقاع وصولاً للبرلمان والوزارة لا نرى لها دوراً أو مشاركة في جلسات تداول أو عضوية لجان.. وزير الدولة يشكو لطوب الأرض فإما أن يفر بجلده كما فعل الوزير الاتحادي أو يتسول الدعومات هنا وهناك؛ فالوزارة بحالها الآيل للسقوط وضعته أمام خيارين (يا الشردة يا الشحدة)..!
(5)
* سر اللعنة
تساءل باحثون ومثقفون مستنيرون وصحافيون عن سر (النكسة) التي حلت بوزارة الأوقاف والإرشاد وعندما لم يصلوا لإجابة جاءهم صوت دعوات (حاج أحمد) الذي صبر على معاناته في الحج قبل عامين بالدعاء سائلاً المولى عز وجل أن يقتص له من (الوزارة) التي فشلت في المحاسبة والمساءلة؛ ثم يأخذ حق كل حاج أكلوا أمواله بالباطل من كانوا (هيئة) ثم أصبحوا (إدارة)، وحتماً سترون في المستقبل القريب العجب العجاب؛ وفي الذاكرة ذلكم الحاج الذي قال إنه غير متحسر على التجويع ورداءة الخدمات لكنه حزين لكونه جاء لبيت الله الحرام ليدعو لنفسه وأهله فإذا به يهدر كل زمنه في الدعاء على المسؤولين عن الحج.
نفس أخير
* لن يضيع المولى سبحانه وتعالى دعوات زوار بيته ممن تقاطروا أفواجا؛ وإنها لعمري (لعنة الحجاج).