وزير الخارجية في حوار : لم ندر ظهرنا للأفارقة بعد تعزيز العلاقات مع دول الخليج

لا يوجد نشاط إيراني في بالبلاد وسنتعامل مع “شيعة السودان” وفقاً للقانون

ربطتنا مع طهران جوانب عسكرية وسياسية والتعاون الاقتصادي كان محدوداً

لم ندر ظهرنا للأفارقة بعد تعزيز العلاقات مع دول الخليج

مشاركتنا في تحالف “عاصفة الحزم” ليس موقفاً انتهازياً

ننظر إلى قضية حلايب كاحتلال ، ولا يمكن تجاوز الأمن في العلاقة مع جوبا

أي استثناءات في العقوبات أميركية مع استمرار منع التحويلات المصرفية (تغبيش)

دافع وزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور، عن موقف السودان الأخير من إيران، وأشار إلى إنه نتاج تراكمات طويلة في علاقة استوجبت التصحيح (حد تعبيره)، مبدياً اعتراض الخرطوم الشديد على النهج الإيراني في التدخل في شؤون الآخرين وقال: (هذا أوان التصحيح).

ووصف غندور عودة السودان إلى البيت العربي ومشاركته في تحالف “عاصفة الحزم” بأنه قرار ناجم عن إجماع عربي، وسخر من الأحاديث التي عدته موقفاً انتهازياً، وقال إن من يقولون بذلك هم أطراف في المعارضة كانت تحتج على سابقاً على حالة العزلة التي تعانيها الخرطوم.

عن ذلك كله، وعن ملفات الحدود، والجنوب، وغيره؛ جلست “الصيحة” إلى وزير الخارجية في حوار لا تنقصه الصراحة كان مقرراً أن يستمر ساعة ولكن ظروف الوزير اختصرته الى 45 دقيقية،وهذه وقائع الجزء الأول:

 

أحدث قرار القطيعة مع إيران ربكة كونه يأتي بعد عقود من التحالف بين الخرطوم وطهران وبدا كأنه تحول من الصداقة الى العداء؟

لم يكن هنالك تحالف بين السودان وايران، إنما هو تعاون كبير، جزء منه في المجال السياسي، وآخر في المجال العسكري، فضلاً عن تعاون محدود في المجال الاقتصادي. وعندما ظهرت قضية المراكز الثقافية الإيرانية لم تكن مفاجئة ولكنها فاجأت بعض الناس..أقول إن قضية المراكز الإيرانية وسط منظومة القيادة أثارت نقاشات عديدة ولكن الحكومة لا تتخذ قراراً إلا بناءً على أطر تشكل في نهاية المطاف رؤية ينتج عنها قرار واحد. وإن لاحظت فإن قضية المراكز الثقافية لم تكن قضية خلاف بين البلدين، ذلك إلى أن جاءت القضية الأخيرة، حيث تم اتخاذ قرار فوري عقب التعدي على كل من القنصلية والسفارة السعودية في طهران ومشهد، وبالتالي جرى نقاش داخل الخارجية ووضعت خيارات للتعاطي مع الحدث، ورفعت إلى السيد الرئيس، وبعد التواصل والنقاش كان الخيار هو قطع العلاقات مع إيران، فكان أن حضرنا البيان الخاص وأخطرنا سفارتنا بالخروج ومواقيته، وحددنا الدولة التي سترعى المصالح السودانية، وقمنا بالإجراءات الخاصة للطلاب سواء في المدارس وتعاملنا مع المعدات والسيارات الخاصة بالبعثة، كما وأخطرنا السفارة الإيرانية.

ولذا نقول إن القرار له خلفيات ومراحل مختلفة وليست قضية فورية يمكن أن يتخذ فيها قرار فوري، أما المدة بين حدث الاعتداء وصدور القرار فكانت مدة خاصة بالتشاور.

لا نقول إنها تمثل تهديدا مباشرا، ولكن نؤكد أن الطريقة التي تتعامل بها، والتدخل في شؤون الدول حتى لا تكاد تكون هناك دولة بمنجاة عن ذلك. موقفنا يقوم على أن هناك أخطاء لا بدّ من أن تصحح، فهناك أفق في العلاقات يقوم على التوازن في المنطقة ومبدأه عدم التدخل في شؤون الآخرين، وهذا أمر يحتاج إلى تصحيح، وهذا أوان التصحيح.

لكل دولة طريقة في اتخاذ القرار، وظروف محيطة بالقرار، ومؤكد أن ظروفنا تختلف عن دول الخليج، بالرغم من تحالفها القوي مع المملكة العربية السعودية وما يجمع دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى أطر أخرى، لكن لكل دولة أن تتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، واعتقد بأن اجتماعيّ الجامعة العربية المقرر له الأحد “اليوم”، ومجلس التعاون الخليجي المقرر له السبت “أمس” ربما يقوم بتغيير مجرى العلاقات.

لن نجد أنفسنا في حرج.. نحن اتخذنا موقفنا بناءً على معطيات وإن زالت هذه المعطيات وقتها بالإمكان النظر في قضية العلاقات، ووقتها يكون الأمر ثنائياً بيننا وإيران.

نعم اتفقنا على ذلك مع الأشقاء في دولة قطر، وسفارة قطر في طهران ستكون راعية لمصالح السودان.

لا توجد استثمارات بالمعنى المفهوم، إنما هي شركات لديها مجموعة من العقود الاقتصادية على رأسها مجال المياه، ونتمنى أن يستمر ذلك لأنه جرى وفقاً لتعاقدات اقتصادية محكومة بآجال ودفعيات وطرائق لحل أية إشكاليات، لذا اتوقع أن تستمر هذه الشركات في مزاولة عملها بشكل طبيعي.

ربما تكون هنالك ديون إيرانية على السودان، ولكن قطع العلاقات لا يعني الدفع الفوري للديون. فالديون لها أطرها وتحصيلها والاتفاق على جدولتها، ذلك مع إني لست واثقاً بالرقم، أقول إن هذه القضايا ستظل خاضعة للاتفاقيات الموقعة ولا دخل لها بقطع العلاقات ولا بحروب بين الدول.

لا أقول إن السودان تخلى عن إيران، ولكن أقول إن العلاقات قطعت، وإن التعاون في إطاره الذي ذكرت قد توقف، ووصل إلى أدنى مستوى، والسودان أن قطع علاقته مع دولة فهذا لا يعني بحثه عن بديل، فالسودان لديه علاقات جيدة مع الجميع في إطار التعاون دون البحث عن بدائل.

هذا الحديث اطلعت عليه في بعض المواقع، ولا أصدق أنه قيل بهذه الطريقة، فهم يعلمون جيداً أنه زعم غير صحيح، لكن إن قالوه صراحةً فوقتها سنرد عليهم.

أي وجود لإيران في تلك الدول هو أمر يخص إيران وهذه الدول، والسودان له جوار آمن مع بعض هذه الدول، وتعاون كذلك، ولا نعتقد بأنها ستسمح بإيذاء السودان من أي طرف كان ولا اعتقد ايضا أن إيران ستفكر في هذا الإيذاء.

*هل من الممكن أن يتخذ السودان قرارات تقضي بتضييق حركة الإيرانيين في السودان ومعتنقي الفكر الشيعي ؟

لا يوجد نشاط شيعي في السودان عقب إغلاق المراكز الإيرانية، وأؤكد أنه لا يوجد نشاط يقوم به إيرانيون.. قد يكون هناك نشاط لسودانيين اعتنقوا ذلك المذهب الشيعي وهؤلاء يخضعون للقوانين السارية في السودان.

* انخراط السودان في تحالف “عاصفة الحزم”، تحول يصفه بعض الساسة بأنه انتهازي؟

هذا الحديث يقوله بعض المعارضين، وهو أمر طبيعي.. فإن كنا أحجمنا عن المشاركة فسيقولون وقتها إننا لم نقم باتخاذ الموقف الصحيح. وأصدقك القول إن بعض من هم في المعارضة تفاجأوا من الموقف السوداني الواضح والصريح، في وقته وزمانه الصحيح.. فمن قبل كانوا يتحدثون بأن السودان محاصر من قبل الدول العربية، لذلك ساءهم أن يكون السودان في وضعه الطبيعي، ولذلك يصفون موقفه بالانتهازي. عموماً لا يهمنا قولهم طالما اتخذناه من موقف صادق ومخلص، ويكفي أن يكون محل اجماع جامعة الدول العربية، والدول العربية تشارك في عاصفة الحزم وفق إمكاناتها وقدراتها وظروفها الداخلية بإجماع داخل الجامعة العربية وخارجها من دول أفريقية وغيرها في إطار البحث عن إعادة الشرعية في اليمن.

هذا الحديث يكذبه الواقع، فقد زرت حتى الآن خمس عشرة دولة أفريقية خلال أسبوعين، واستقبلت أربعة وزراء خارجية افارقة في الخرطوم مؤخرا، فكان معنا وزيرة خارجية النيجر وكينيا ووزير خارجية إثيوبيا ووزير خارجية جنوب السودان، وهذا يؤكد أن محيطنا الأفريقي قوي وثابت، ونهتم به جدا، كما نهتم بعمقنا العربي. ولدينا توجه انفتاحي ومتوازن واضح للعيان وربما نفتح سفارات جديدة خلال هذا العام بافريقيا رغماً عن أوضاعنا الاقتصادية وذلك إيماناً منّا بدور هذه العلاقات الأفريقية التي ظلت داعمة، وعلاقتنا بالعمق الأفريقي محل اهتمام بمقدار علاقتنا مع عمقنا العربي.

موقفنا في الخارجية وموقف الدولة المجمع عليه هو بفتح الحدود ولكن المجمع عليه ايضا أن تفتح الحدود في وجود اتفاق واضح جدا، وتنفيذ لكل ما تم الاتفاق والتوقيع عليه بين الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت في ديسمبر للعام 2012 والاتفاق على الخط الصفري المؤقت والمنطقة منزوعة السلاح، وأحد عشر معبراً ورقابة ومن ثم حدود مرنة حتى نطمئن لعدم دخول من يؤذينا وفي المقابل يتأكدوا بأننا لن نوذيهم بحال ونضمن سلامة دخول المواطنين والبضائع. فالأمن في أي دولة هو الطريق إلى التعاون الاقتصادي ونحن نرغب في ذلك. وكما قلت خلال لقائي مع وزير خارجية الجنوب برنابا بنجامين أننا مع علاقات نموذجية لما يربط بيننا من تاريخ وجغرافيا، وكما قال هو “سنبقى جيران إلى يوم القيامة”، وإن تأكدنا بأنه لا يوجد ما يؤذينا فنحن أولى بالتواصل مع الأشقاء في الجنوب.

أقول لك إن الحدود المتفق عليها وتبلغ80% ، لم يتم ترسيمها على الأرض. هذا ما طالبنا به، ولكن عدم ضمان الأمن ووجود مهددات أمنية ،يمكن أن تصرف كل ما تجنيه من الاقتصاد في حفظ الامن. وبالتالي أن الأمن أولوية ولكن هذا لا يعني أننا ننظر إلى القضية من منظور أمني ولكن ننظر إليها في إطارها الكلي.

هي ليست شكوك ولا اتهامات، فالواقع يقول إن قيادات “الحركة الشعبية – قطاع الشمال” والحركات المسلحة بدارفور تقيم في جوبا، وتسلح وتتحرك قواتها من الجنوب وآخر تحرك تمت مجابهته في قوز دنقو بدارفور.

مشكلة الجنوب بدأت في نهاية ديسمبر من العام 2014 وبالتالي فإن القضية سابقة لأي اتهام للسودان، والتحدي في ذلك هو الاتفاق على الخط الصفري المؤقت والمنطقة منزوعة السلاح حينها سيتأكد كل طرف بأن كل أحد لا يدعم.

اتهامنا بدعم مشار غير صحيح، والعالم كله يعلم ذلك. إن نظرت للحرب الأهلية قبل اتفاق نيفاشا 2005م تجدها دارت بين القوات المسلحة والجيش الشعبي داخل غابات جنوب السودان، ما يجعل خروج أي مقاتل ومتمرد خارج الجنوب مغامرة، وبالتالي تدور الحرب في الغابات التي تجعل التدريب فيها ممكنا.

رفعوا لنا هذا الأمر عبر سفارتنا في جوبا، وذكرنا لهم أن هذا الأمر يجب أن يتم كما هو معلوم، مع إخراج كافة المعارضين والقيادات بالجنوب وتجريدهم من السلاح وفق اتفاقية السلام في الجنوب الموقعة بين الرئيس سلفاكير وزعيم المعارضة رياك مشار وآخرين في أديس أبابا وهي اتفاقية تنص صراحة على إخراج أي قوات متمردة سودانية في جنوب السودان.

اعتقد بأن النية والرغبة موجودة والإرادة ايضا، ولكن يبقى هناك من يعمل على عرقلة العلاقة بين السودان وجنوب السودان في مسارها الطبيعي.

لا نقول جهات أجنبية، بل منها ما هو داخل جنوب السودان، ولكن نقول بأننا لا نشكك في نوايا الرئيس سلفاكير والوزير برنابا بنجامين.

هذا الأمر يمضي بصورة تدريجية، فهناك لجنة أمنية مشتركة تجتمع كل أربعة أشهر، وقد اجتمعت مؤخرا خلال زيارة الرئيس اليوغندي للخرطوم، وقد تم نقاش القضية برئاسة النائب الأول الفريق أول بكري حسن صالح، على هامش اجتماعات القمة الأفريقية الصينية، وتم الاتفاق على عقد الاجتماع القادم في العاصمة اليوغندية كمبالا.

* قضايا الحدود مع دول الجوار سواء قضية (الفشقة، حلايب، أبيي) الا تعتقد أنها قنبلة موقوتة في طريق العلاقات الخارجية؟

قضايا الحدود تظل مشكلة قائمة ولكنها باستمرار التحاور حولها يجب ألا يعوق مسار العلاقات، فقضية حلايب ننظر إليها كقضية احتلال نناقشها في هذا الإطار، واتفق الرئيسان عمر البشير وعبد الفتاح السيسي على مناقشتها في الإطار الرئاسي، وما أبرزها مؤخرا هو الإجراءات الأحادية التي اتخذت من قبل الجانب المصري باجراء الانتخابات البرلمانية، وستناقش في قمة الرئيسين القادمة.. وقضية الحدود مع إثيوبيا ما تزال قائمة منذ سنوات ولأول مرة يتم مناقشتها بصورة جادة، وآخرها كان لقاءً بين الجانبين في مدينة الدمازين، ولقاءً جمع نائب الرئيس بنائب الرئيس الإثيوبي وكذلك لقاء الرئيس البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي فهذه القضايا تخضع للتشاور الكامل بين القيادة. أما أبيي فليست محطا لخلاف حدودي فهي سودانية وفق اتفاقية السلام الشامل وستظل سودانية حتى إنهاء نقاط الخلاف.

قوات (الشفتة) وهي كلمة إثيوبية تعني المجموعات التي تنهب وتسلب، تتم مقاتلتها من القوات السودانية والإثيوبية على حد السواء. ربما تدعم من قبل البعض هنا وهناك، ولكن نؤكد أن هنالك اتفاقا كاملا بين القيادتين حول ترسيم الحدود وكيفية الترسيم والاستفادة من إمكانات البلدين.

نعم هنالك اتفاق ولجان فنية تكون ومرجعيات متفق عليها تماما.

الحصار الأمريكي على كوبا استمر لأكثر من خمسين عاما، وقد التقيت بوزير الخارجية الكوبي وأكد لي بأن الحصار الاقتصادي الأمريكي ما يزال قائماً على أرض الواقع، رغم رفعه في العلن.. وعن شأن إيران الجميع متابع ومراقب لما يحدث بين طهران وواشنطن.. السودان هو آخر الدول التي انضمت إلى منظومة العقوبات الأمريكية ويجري حوار نأمل أن يفضي لرفع اسم البلاد من قوائم الحظر الذي لا يقوم على أساس من القانون الدولي ومن الأخلاق والمتضرر الأول منه هو الشعب السوداني.. لكن نحن مطمئنون أننا في الطريق الصحيح وإن لم نصل إلى نهاية.

*هل تعتقد أن قبل نهاية فترة الرئيس أوباما يمكن أن يحدث تقدم ؟

اتمنى ذلك، وقد أشار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في آخر لقاء لي معه بأنه يأمل في إنهاء الأمر قبل انتهاء ولاية أوباما وقبل مغادرته وزارة الخارجية.

أي استثناءات لا تعني لنا شيئاً في وجود منع التحويلات المصرفية، لأن هذا يعني فعلياً أنك لا تستفيد منها في الوقت الذي تريد، وبالتالي ذلك جزء من هذا (التغبيش) .. الحل هو شطب اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب ورفع الحصار الاقتصادي تماما بما في ذلك التحويلات المصرفية التي تعتبر حقا من حقوق البلاد.

 

 

حوار: النور أحمد النور – الهضيبي يس

 

الصيحة

Exit mobile version