جاء في أخبار (الثلاثاء) الماضي خبر عن الدكتور الشيخ “حسن الترابي”، وقد أضاف إليه الخبر لقب الداعية.. وهو حقاً كذلك.. لفت نظري الشق الاجتماعي في الخبر حيث وصف الشيخ الدكتور الداعية المجتمع السوداني بأنه كثير الكلام والغيبة التي أصبحت الآن مطبوعة في كثير من الناس.
والدكتور يقول ببساطة إن المجتمع بقى “نقناق وقوال”.. وحقيقة زادت كميات الشمارات بعد انتقالها من الونسات إلى الوسائط كافة.. وقد يغضب البعض كلام الشيخ لكنه موثق من حياتنا وحتى أغنتياتنا فـ”حمد الريح” يغني: (شالوا الكلام زادوه حبة جابوه ليك.. يظهر عليك صدقتهم ما الجوه قلبك في عينيك).. وهنا حتى القوالة لم تنقل بحذافيرها بل زادوها حبة.. وهذا بهتان كبير.. أما “إبراهيم عوض” فقد أطلق تحذيراً (ما تسمع كلامن ما تصدق وشاية) وذلك بسبب.. (ديل حساد وحاتك غايرين من هوايا)، أضاف صفة الحسد هنا.. أما الكروان الراحل “نادر خضر” فقد سخر من كلام الناس (هو البقولوا الناس شوية).. “صلاح مصطفى” يعاتب المحبوب أنه لم يكن مثله حيث سد من القوالة “دي بي طينه ودي بي عجينه” فقال: (ياما منك حذروني وياما قالوا وقالوا فيك.. حتى إنت بقيت معاهم يا حبيبي حرام عليك).. المتفق عليه، الفنان “محمد الأمين في أغنية (يا حاسدين غرامنا) صرح: (يا دايرين تقولوا وما قادرين تقولوا.. أيه عايزين تقولوا فيا وفي حبيبي)
سألني القدير “عبد الله رزق” مساعد رئيس تحرير (المجهر السياسي) الأنيقة قبل أيام عن العزول والعوازل في الأغنية السودانية.. قلت له إن صديقنا “التجاني سعيد” يقول إن المستحيلات أربع الغول والعنقاء والخل الوفي والعزول.. إذ قرر أن العزول لا وجود له في الواقع كما في الأغاني، والعزول قطع شك قوال إذا كان موجوداً.
حقيقة ونتيجة القوالات “الغيبة” أصبحت أشك في أي زول عمل قروش.. فلا يوجد حسب الأقاويل زول عمل قروش بالحلال والبلال، فما أن تطهر مظاهر ثراء على أحدهم فهو متهم بواحد من الاتهامات:
1/ قروش غسيل أموال.
2/ ضرب المؤسسة الشغال فيها.
3/ مخاوي جني أو جنية وبعبارة أخرى عندو “سفلي”.
أما إذا كان الذي عمل قروش امرأة فالقائمة تطول وتدخل “هجمات” أخرى لذوات الثراء
أذكر أن لي أحد أقاربي جداً كان متطوعاً في اللجان الشعبية وفي إعانة الناس، فبلغني أنه “كاتل الجدادة وخامي بيضها” عندما استقصيت عن أحواله وجدت هذا التطوع زاده فقراً.. فطلبت منه التخلي عن هذا الأمر، فتخلى.. وما أن ابتعد، إذا بالذين قالوا فيه ما قالوا يقولون إنهم فجعوا بذهابه وطالبوا بعودته.. ومن آخر القوالات التي سمعتها أن عمارة ضخمة بمنطقة بحري تخص “جمال حسني مبارك” (آي والله).. وأن المسؤول الفلاني الذي انتقل إلى سكن في منطقته الشعبية، لديه حديقة غناء تستورد بذور فاكهتها من جنوب أفريقيا.. واحترت أصدق منو وأكذب منو؟!
مما يساعد على توطيد هذه الصفات السالبة انتشار الفساد وذيوعه والإشارة “بالصريح والمغطى” إلى فساد جل المتنفذين.. إذا أضفنا إليها الحسد، وقد ذكروا لي أن الراحل بروفيسور “عبد الله الطيب” أشار إلى ذيوع الحسد وسط المجتمع السوداني أو كما قالوا.. وما زالت ترن في أذني عبارة قالها لي مسرحي كبير قبل رحيله بأيام- عليه رحمة الله- إننا في السودان أخذنا أسوأ ما في العرب (الخيانة)، وأسوأ ما في الأفارقة (الحسد). ومع تحفظي على كلامه على إطلاقه.. أقول: (أخدوا كلام شيخ “حسن” على محمل الجد).. فهل نطمح أن نكون في السنة الجديدة مجتمعاً بدون نقة أو قوالات؟!