تفاخر السودانيين في الزواج وتقليعة الصالات!!

نحن من أكثر شعوب العالم في التفاخر من أعلى أسرة إلى أدناها والمثل السوداني يقول (البوبار والسكن في بيت الإيجار)، دلالة على أن الشخص يتظاهر بأشياء وهو لا يملك منزلاً أو يتظاهر إلى المجتمع بأنه يمتلك كذا وكذا وهو معدم.. فبرزت ظاهرة تفاخرية وهي إقامة حفلات الأعراس في الصالات والأندية الفاخرة.. وهذه تكلف العريس أو أهل العروس ملايين الجنيهات إن كانوا يملكونها أو يستدينون للتظاهر والتفاخر. وهذه الصالات رغم ارتفاع أسعارها فهي لا تتنازل عن أسعار العشاء المرتبط بإيجار الصالة، وأحياناً تقدر قيمة تلك الوجبة مع الصالة أكثر من مائة مليون جنيه، رضي أهل العريس أو العروس أم لم يرضوا، وحتى هذا العشاء أحياناً لا تمتد إليه الأيادي فيصبح أشبه بالصورة، فالضيف يجلس وبجواره هذا الطبق المليء بما لذ وطاب من المأكولات التي يعرضها أصحاب النادي.
أحد الأصدقاء وهو من الذين فتح الله عليهم من خزائن الدنيا جاء من إحدى الدول البترولية لزفاف كريمته، ورغم انقطاعه عن الوطن والأصحاب والأحباب، ولكن آثر أن يقيم حفل الزفاف في نفس المنطقة التي ولد ونشأ وترعرع فيها. قلت له الناس اليومين دي مفتونين بإقامة حفلات زفاف أبنائهم في الصالات الفاخرة وأنت ما شاء الله تملك المال الوفير.. قال لي لقد نشأت في هذا الحي الشعبي وسط أهلي وأصدقائي فلماذا (أتلتل) كبار الحي نساءً ورجالاً ليأتوني في الصالة التي يكلف الوصول إليها أكثر من مائة ألف جنيه، ولماذا لا يكون الطعام وما يبقى منه لأولئك المساكين من سكان الحي.. لقد نصب خيمة فاخرة وسط الحي وأجرى فيها كل ما تتطلبه تلك الخيمة أو الصالة المتحركة، واستمتع أهل الحي ولم يكلفوا أنفسهم مواصلات بالشيء الفلاني.. هذا مثل لشاب عركته الحياة وجمع المال بمعاناة شديدة وغربة سنين، فآثر أن يكون الاحتفال وسط جيرانه وأسرته. فهل تستطيع الأسر السودانية أن تعود للاحتفال بزيجات أبنائهم وسط أحيائهم حتى نقلل من هذا التفاخر والتباهي والمظهر الكاذب، وحتى وجبة العشاء المقدمة أفضل منها طعام الصواني الذي اعتاد عليه أهل السودان في كل أفراحهم وأتراحهم. نحن أمة لن تتقدم ما لم نترك هذا التفاخر والتشبه بالآخرين، لقد عزف الشباب عن الزواج بسبب هذا التفاخر وغلاء المهور، ألم يكن من الأفضل أن تقدم المائة مليون للعروسين لبناء حياتهم بدلاً من بعزقتها في ساعة.

Exit mobile version