“مفيش صاحب يتصاحب” … جملة كانت منتشرة على الزجاج الخلفي لسيارات الميكروباص والنقل ، ثم أصبحت تحاصرنا في الحياة فلا يكاد يمر يوم دون أن تستمع إليها إما في الطرقات .. أو المواصلات .. أو الأفراح .. أو افتتاح المحلات .. بعد أن تحولت إلى مطلع أغنية ابتلانا بها أحد منتجي الإسفاف من أفلام وأغاني هابطة.
لكن الغريب أن هذه المقولة لها أصل قديم ، فقديماً قالوا المستحيلات ثلاثة: «الغول والعنقاء والخل الوفي».
كما تبنى “أبو حيان التوحيدي” استحالة وجود الصديق الوفي في كتاب “الصداقة والصديق” حيث يرى أننا : «ينبغي أن نثق بأنه لا صديق ولا من يتشبه بالصديق .. وإذا أردت الحق علمت أن الصداقة والألفة والاخوة والرعاية والمحافظة قد نبذت نبذاً ورفضت رفضاً، ووطئت بالأقدام ولويت دونها الشفاه، وصرفت عنها الرغبات».
ولما سئل “أبو حيان” عن أطول الناس سفراً ، فقال: «من سافر في طلب صديق».
ولكني أختلف تماماً مع هذه النظرة السلبية للصداقة ، فمن يرى أنه لا يوجد صديق حقيقي في هذه الحياة فالعيب فيه ، ذلك لأنه لم يكن ذلك الصديق لغيره.
لا شك أن الصديق الوفي عملة نادرة في هذا الزمان الذي تغلبت فيه المادة -عند الكثيرين- على كل شيء ، لكن ذلك لا يعني أنه غير موجود .. أنت فقط عليك أن تحسن اختيار صديقك ، وأن تعرف الصالح من الطالح ، ولا تكن ساذجاً يخدعك أي أحد بحسن نيتك.
إذا أردت صديقاً يحبك في الله دون مصلحة مادية أو معنوية ، ويحب لك ما يحب لنفسه ..
إذا أردت صديقاً يرعاك في مالك وأهلك وعرضك ويكون معك في السراء والضراء وفي الفرح والحزن وفي السعةِ والضيق وفي الغنى والفقر ..
إذا أردت صديقاً يتمنى لك الخير دائماً ..
إذا أردت صديقاً ينصحك إذا رأى فيك عيباً ..
إذا أردت صديقاً يعينك على الخير ويشجعك على أدائه ..
إذا أردت صديقاً يعذرك إذا أخطأت وينتصر لك ويذب عنك إذا أخطأ أحد في حقك..
إذا أردت صديقاً لا يمن بمعروفه عليك ويستصغره ، ويعظُم عنده معروفك ويستكثره .
فكن أنت هذا الصديق أولاً حتى تجد من على شاكلتك من الأصدقاء.
هافنغتون بوست