> إذا كان الترابي وعلي عثمان قد التقيا في منزل الشيخ أحمد عبدالرحمن بدعوة منه.. ودار بينهما حديث استلطفه كل منهما.. فإن هذا طبيعي.. خاصة حينما يكون في أجواء سياسية جديدة استجدها مشروع الحوار الوطني وتختلف عن تلك التي صدرت فيها قرارات يوم الرابع من رمضان الموافق الثاني عشر من ديسمبر من عام 1999م.
> ودائماً أو غالباً، تكون أحاديث السياسة في الأجواء اللطيفة المختلفة غير منتمية إلى المنطق، كما تكون في الأجواء التي يعلو فيها صوت الخلافات.
> وإذا كان معلوماً أن مفاصلة الإسلاميين في يوم الرابع من رمضان كانت بسبب محاولات الترابي لتحويل البرلمان المعين إلى مؤسسة تنفيذية موازية للجهاز التنفيذي للدولة لتحقيق أغراض تخصه وجدت من يخدمها من بعض الإسلاميين، فإن الشيخ احمد عبدالرحمن يقول بإن الترابي وعلي عثمان (النائب الأول الأسبق) .. إنهما قد ( ندما على المفاصلة والتزما بالإصلاح وجمع الصف الوطني.. وأن الصراع كان حول السلطة ولم تكن هناك أسباب موضوعية). ..انتهى.
> ولك أن تتخيل مدى التأثير السلبي على الحركة الإسلامية وحكومة الإسلاميين من هذا الكلام. ترى بماذا يمكن أن يعلق عليه خصوم الحكومة.. خاصة رافضو الحوار الوطني الذين يذيعون إنه التفاف من الإسلاميين حول التطورات على الساحة؟؟.
> كأن الشيخ عبدالرحمن يريد أن يصور الطرفين في المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي بأنهما متحملان مسؤولية المفاصلة بالتساوي.
> لكن الحقيقة هي أن الترابي هو من تسبب في المفاصلة ومن قبلها مذكرة العشرة حينما سلك مسلكاً فسره رفاقه بأنه متجه به نحو تحقيق طموحات شخصية يجند لها المقربين جداً منه.
> فكيف يندم الطرفان على المصالحة ولا يندم الترابي وحده وقد كانت قد نزلت برداً و سلاماً على علاقات السودان الخارجية؟.
> ما الذي يجعل علي عثمان نادماً على خطوة اضطرارية لصالح تخفيف الخناق على البلاد؟. وهل تناسى الشيخ احمد عبدالرحمن أسباب المفاصلة الحقيقية حتى ينقل عن الترابي وعلي عثمان إنهما اعتبرا الصراع إنه كان حول السلطة؟.
> الصراع ابتداءً قاده الترابي.. و حسمته الحكومة بقرارات الرابع من رمضان.. وكان يمكن ألا تحدث مفاصلة بعد هذه القرارات.. لكن غضب الترابي كان هو سيد الموقف. إذن.. من ينبغي أن يندم هو الترابي وحده.. وليس معه علي عثمان وحكومته التي عالجت المشكلة بصورة امتد أثرها إلى معالجة أمور أخرى.
> وقال احمد عبدالرحمن إن الترابي طرح مشروعاً لتوحيد الإسلاميين.. لكن لم يجد تجاوباً كبيراً.
وهنا قد يقول قائل (فاقد الشيء لا يعطيه).. لأن الترابي أصلاً تسبب في تشتيتهم. وأن عليه أن يعتذر وييقول إنه سيسعى لإعادتهم في صف واحد بعد أن تسبب في انقسامهم.
> هذا رغم أن أعداداً كبيرة من الذين ذهبوا مع الترابي عادوا منه ومنهم رموز بعض الإسلاميين ظنوا أول الأمر إن شيخهم على حق مثل محمد الحسن الأمين وبدرالدين طه والحاج آدم يوسف وحاج ماجد سوار وحامد ممتاز وغيرهم.
> ظنوا إنه على حق.. لكن وجدوه يصارع حول السلطة دون أسباب موضوعية.. ويحدثنا الشيخ احمد عبدالرحمن الآن فيقول بأن الترابي وعلي عثمان اعتبرا أن الصراع كان حول السلطة ولم تكن هناك أسباب موضوعية.
> لكن علي عثمان لم يكن جزءاً من هذا الصراع.. وأكثر ما كان يمكن أن يرفضه هو منازعة الترابي للسلطان دون (أسباب موضوعية).
> ويبدو أن أحمد عبدالرحمن منحازاً إلى الترابي.. ومازال حتى بعد أن أعلن الترابي ندمه واعترف أخيراً بأن الصراع كان حول السلطة ولم تكن هناك أسباب موضوعية.
> علي عثمان لا علاقة له بهذا الندم وهذا الاعتراف بأن الصراع كان حول السلطة بدون أسباب موضوعية.
> لكن أحمد عبدالرحمن يدبر تدبيراً.. لكي لا يكون المخطئ النادم و(سافي التراب)، هو صديقه ورفيقه الترابي وحده.
كأنه يريد أن يقول له لن نجعلك المخطئ الندمان وحدك يا شيخنا.
> وأكثر من ذلك يقول الشيخ أحمد عبد الرحمن بأن الترابي شجاع لأنه اقترح أن يترأس البشير «7 + 7».
لم يقل تناسى موضوع الصراع بلا سبب موضوعي وأيد ترؤس البشير لآلية الحوار.
> ثم هو تأييد وليس اقتراحاً.. فالبشير هو صاحب المبادرة وهو رئيس الحكومة والمبادرة حكومية.
> أما الترابي فهو يعود ببوابة الحوار الوطني من المعارضة التي لم تجد فتيلاً.. ويراهن على إن النجاح السياسي للمؤتمر الوطني سيتمثل في الحوار مع المعارضة.. حتى لو لم يشمل بعض الأحزاب غير المؤثرة بجماهير الأحزاب الكبيرة. ويكون قد سبق الناس إلى مصافحة الحكومة.. سبق الصادق وعقار وجبريل .
غداً نواصل بإذن الله…