بالأمس ولأول مره ومنذ سنوات طويلة اشق الخرطوم والأحياء الراقية واعبر بكبری المنشية لشرق النيل فی طريقی للمشاركة فی عزاء اخونا شيخ حسن ود الخليفة أحمد سليل البادراب بأم ضوا بأن نسأل الله له الرحمة والمغفرة والقبول .. المهم اننی تفاجأت تماما بالتحام العاصمة الخرطوم مع طول الطريق والذی عهدته كثبانا ورمالا وقيزان والقليل من الفرقان والقرى المتناثرة .. بحيث انك لا تری علی طول الطريق غير العمران والمزارع والخدمات الحديثة فيا سبحان الله !! كيف حدث ذلك ؟ ..
لفت نظری المخططات العمرانية والاستثمارية ودبيب الحياة فی هذه البادية وتحولها الی حياة ونشاط وانتشار الكثير من المرافق الخدمية فيها .. رأيت الجامعات والمستشفيات والمحلات التجارية الراقية وحركة السير المكتظة والطرق المسفلتة والمعبدة وبساتين الفواكه والنخيل ومزارع الألبان .. كل ذلك حدث فی أرض جرداء ولو ربطوا فيها الحمار فی السابق يقطع حبلو ويقلع شايتو ويجری ..
ما رأيته بالأمس فی طريقی الی أم ضوا بأن يجعلنی أكثر تفاؤلاً بأن السودان بخير رقم كل المصائب والمحن ، وبقليل من الجهد والإخلاص بالإمكان إعادة بعث الروح والأمل من جديد فی النفوس وتوجيه الطاقات والايادی الی ساحة العمل ..
انا لن أكن أكثر انصافا للنظام القائم أكثر من أهله والذی أهدر الكثير من الموارد فی غير محلها خلال أكثر من ربع قرن من الزمان .. ولكننی اقول لا زالت الفرصة موجودة والتعويض ممكن .. فقط علينا أن نضع الرجل المناسب فی المكان المناسب ، وأن نتفق علی برنامج واحد ، اسمه : الوطن أولا ..
نعم أيها السادة والسيدات ، القاعدين علی الكراسی والمنتظرين الدور .. والواقفين فی النص ..
إذا أردنا أن تنهض بهذا الوطن لا بد أن نعلی من راياته وأن لا ترضی بالخنوع والهوان والانكسار وان نقدم المهح والأرواح مهرا لعشقه وان نتفانی من أجل عزته ومنعته وكرامته ..
الوطن أيها الإخوة والأخوات الأحباب جميعاً ، ليس خرقة نرفعها علی السواری لترفرف ونحتفل ونحتفی بهبهباتها .. الوطن أكبر وأعمق من ذلك ومن أجل ذلك يفتدی ..
وكل عام والوطن فوق والسودان فی حدقات العيون ، والسودان أولا .. ودمتم بخير .
بقلم: أحمد بطران