هل أفسدت قضية الزميل الصحفي رمضان محجوب على مستمعي اليوتيوب الاستمتاع بالأغنية الحلمنتيشية الشائعة لفنان اسمه (قرقوري) هذه الأيام والتي تحكي قصة شاب يصحح سوء فهم زميلته أو صديقته التي تعاملت مع رسائله الحميمة لها على الوات ساب على أنها رسائل جادة وتعبر عن اعجابه بها فقال لها:
القلتو ليك أنسي
ما تسوي ليهو حساب
والله كلو كضب
ونسة وكلام وات ساب
الزميل رمضان محجوب يواجه هذه الأيام بلاغاً من بلاغات النشر ليس بسبب مقال منشور في الصحيفة أو خبر كاذب، كما أن رمضان لم يتم استدعاؤه بواسطة نيابة الصحافة أو لجنة الشكاوي بل تم توقيفه بواسطة شرطة نيابة الجرائم المعلوماتية بالخرطوم بصفته مديراً (لقروب) من قروبات تطبيق التواصل الفوري عبر الرسائل المغلقة بين مجموعات الأصدقاء (وات ساب) على خلفية نشر أحد أعضاء القروب المغلق مداخلة تخص شقيق وزير الصحة مامون حميدة الأستاذ حافظ حميدة والتي اعتبرها الاخير إشانة لسمعته فقام بتحريك بلاغات في مواجهة كاتب الرسالة ومشرف المجموعة.
وليست هناك مشكلة في توقيف أي شخص توجه بإساءة لشخص آخر سواء أكان ذلك في قروب (وات ساب) أو صحيفة أو التقى به مباشرة ووجه له الإساءة، فهو بلاشك ارتكب خطأً يضعه تحت طائلة القانون، لكن المشكلة في تقديرات القانون لمسؤولية مدير مجموعة وات ساب عن ما يدور في تلك المجموعة من نقاشات ومداخلات، فلو كانت المجموعة متخصصة في الإساءات مثلاً وتم إنشاؤها لهذا الغرض من الأساس فإن مشرف المجموعة أو صاحبها مدان ومسؤول عن كل ما يرد فيها، أما إذا كانت مجرد مجموعة لتبادل الأخبار والتواصل بين الأصدقاء فأين هي مسؤولية مدير القروب في حالة توجيه أحد الأعضاء إساءة لشخص ما داخل أو خارج المجموعة؟ وحتى لو قام رمضان بحذف هذا العضو مثلاً من المجموعة أو تحذيره فهل هذا الإجراء معتبر قانوناً..؟
نعتقد أن مثل هذه القوانين الحديثة تحتاج للكثير من التدقيق والتمحيص وإعادة النظر فيها وتطويرها حتى لا تتسبب في تعقيد حياة الناس وتعقيد تواصلهم الاجتماعي .
نحن كسودانيين في الغالب لا نرغب في القيام بمهام (الألفة) في إطار تواصلنا الاجتماعي أو لقاءاتنا كأصدقاء وبمنطق إدانة (الأدمن) فإننا لا نستبعد أن يتم استدعاء أحدهم متهماً بعد دعوته لأصدقائه بتناول القهوة في أي مكان عام ثم شهد اللقاء ملاسنات أو مخاشنات بين اثنين منهم ليتم وضعه كمتهم ثان بمسؤولية عن ما حدث بوصفه صاحب الدعوة .
كما أن هناك خاصية في (الوات ساب) تجعل من الممكن أن تجد نفسك أحد المشرفين على مجموعة دون أن تعلم بذلك فهي تسمح بتحويل كل أعضاء (القروب) الى مشرفين، بجانب أن انتقال الإشراف على القروب من شخص الى آخر يتم تلقائياً في حالة مغادرة الأدمن أو تخليه عن مهامه الإشرافية .
قضية رمضان تحتاج وقفة جديدة من أساتذة القانون وتقديم مقترحات تشريعية بتعديله.. أما أغنية (قرقوري) فقد يتم التعامل معها بعد اليوم باعتبارها أغنية خارجة عن القانون..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.