مرت بالثوب السوداني الكثير من المتغيرات في العشر سنوات الأخيرة . حيث تأرجحت مكانة الزي الرسمي ـ الذي اشتهرت به المرأة السودانية ، بعد ظهور مستحداث بيوتات الاناقة فيما يتعلق بتجديد الموضة . فقد وجد الثوب السوداني نفسه ابان تلك السنوات امام مهدد حقيقي وهو (العباءة) والتي أدت الى انحسار مد الثوب حتى في الشارع والمناسبات بعد ظهور العباءة الملائمة لكل المناسبات . وكانت ميزة العباءة عن الثوب انها أرخص ثمناً، ويمكن اقتناء عدد من التشكيلات والألوان التي تضمن للمرأة التغيير .
الثوب عادت هيبته بعد ان اعتمدته القنوات الفضائية زياً رسمياً للإطلالة ، وتبارت المذيعات في الإطلالة المتميزة عبره ، ومن خلال بيوتات الأزياء ، مما ادى الى ظهور مصممات الثياب واللائي جعلت الفضائيات من حرفتهن سوقاً رائجاً تحول الى مشغل واستثمارات . خاصة بعد تباري السيدات في التشبه بزي المذيعات واقتناء ثياب شبيهة . ولعل تلك الفترة استعاد فيها الثوب مكانته بقوة بل وتدلل وأصبحت تدفع فيه الملايين . في تلك الفترة كانت القنوات أكثر تشدداً في التقيد بالثوب السوداني للظهور عبر الشاشة سيما القناة القومية ، الثوب بجانب الطرحة الداخلية ويحكى ان الأستاذ محمد حاتم سليمان إبان فترته بالتلفزيون القومي كان اكثر تشدداً فيما يتعلق بالزي، وكان يخرج في العلن ويقول إنه لا يجود قانون يلزم الثوب والطرح وان هذا تقليد درجت عليه المذيعات . الآن الفضائية السودانية دخلها الثوب بدون الطرحة وهذه جديدة الى جانب انه دخلها الفستان والطرحة الى جانب البدل. ورغم التغييرات التي يلحظها المتلقي في الشاشة إلا ان المخرج شكرالله خلف الله قال في حديث للرأي العام امس ان الشاشة القومية لاتزال تحتفظ بالثوب السوداني بنسبة 95% ، واضاف : في رأيي الشخصي ان التخلي عن الثوب هو مرتبط بأجيال تعبر عن حال الشارع ، ويفترض ان يقود الإعلام والقنوات الشارع في مجال الموضة لا العكس ، لان الثوب السوداني بكثرة الطلة يرسخ في عين المتلقي ويوضح الإرث السوداني ، واكد شكرالله انه لايدعم الاتجاه الذي تخلى عن الثوب وأضافت: لست من انصار الازياء الاخرى ، وهو غير مكلف ابداً هو فقط يحتاج الي فهم متقدم في مسألة الالوان والديكور ومستوى الصورة البصرية، بل نحن مع كل الازياء التي تعبر عن الثقافة السودانية وتميل للبساطة والعمق .
وربما هذا الأمر ان هو مستغرب في تلفزيون هو امر عادي في بقية المحطات المحلية الاخرى ، فقد درجت في الآونة الاخيرة الكثير من مقدمات البرامج على الظهور بـ( الاسكيرت والبلوزة والطرحة) او فستان مع جاكيت، خاصة في البرامج الصباحية في القنوات فقد درجت قناتا النيل الأزرق والشروق على برامج صباحية يقدمها شباب بطلة مختلفة وهو مايشبه (موضة الشارع) ، وكذلك اتجهت القناتان في كثير من برامجها الاخبارية والنشرات الى الظهور بالبدلة والطرحة وهو تقليد خارجي يحاكي قنوات الجزيرة والعربية في نشرات الاخبار أكدت عليه مقدمات النشرة الجدد بقناة الشروق تسابيح مبارك خاطر ، وعفراء فتح الرحمن واسراء عادل بجانب التزامهن بالثوب في برامج اخرى . في حين ابتعدت قناة الخرطوم الى حد ما عن اي أزياء اخرى خلاف الثوب.
اتجاه المذيعات الى ازياء اخرى خلافا للثوب اصبح امراً ملحوظاً أرجعه الكثيرون لشح المال الذي ادخل التقشف حتى على أزياء المذيعين إلا ان الملاحظ ، ان الازياء البديلة للثوب هي من -العام والعادي- والسائد في الشارع السوداني ، اي ان القنوات ومقدمات برامجها هي من ،يتبعن الموضة ، بعكس ماكان يفعل الثوب الذي يظهر عبر الشاشة حيث كانت طلة المذيعه تقود الموضة من خلال الثوب.واياً كان من أمر ، سواء ان انقياد المذيعات وراء الموضة جعل من طلتها بدون الثوب عادية وغير جاذبة عند كثير من النقاد والمهتمين ، واياً كانت مبررات انحسار الثوب من القنوات فإن الطلة الجديدة تحتاج الى مراجعة ووقفة على الأقل من باب حسن الطلة والاختلاف من العادي طالما النجومية تقود إلى التقليد.
صحيفة الرأي العام