أسئلة حول اتفاق مزمع!!

> في الأنباء حديث عن اتفاق وشيك بين الحكومة وقطاع الشمال، حول المنطقتين، يستند إلى الاتفاق السابق المبرم في يونيو 2011م المعروف باتفاق «نافع عقار»، وتوقعت أطراف من الجانبين أن يتم إعلان هذا الاتفاق بعد خمسة عشر يوماً، ولم تعلن الجهات التي أعلنت هذا الخبر عن مضمون ونقاط الاتفاق حول المنطقتين، وفحوى الاتفاق القادم، لكنه في كل الأحوال إن كان شبيهاً باتفاق «نافع عقار» أو متماهياً ومطابقاً له، فهو بالتأكيد سيحتاج إلى مراجعة شاملة بغض النظر عن المصير الذي انتهى إليه الاتفاق السابق الذي أجهضه الجانب السياسي فيه، حيث نص اتفاق «نافع عقار» على مشاركة سياسية لم تكن واردة في تفكير الحكومة يومئذٍ، وأذكر أنني سألت السيد رئيس الجمهورية، وكنا يومها في معيته في طريق العودة من زيارته للصين، في ذلك اليوم الذي أعلن فيه عن توقيع الاتفاق، فقال بشكل قاطع:
«إن الاتفاق لا بد أن ينحصر في قضايا الترتيبات العسكرية فقط، وليست هناك شراكة سياسية جديدة على غرار نيفاشا».
> فإذا كانت التفاهمات التي تمت في اللقاء غير الرسمي بين وفد الحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محمود ووفد الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة رئيس وفدها المفاوض، قد أفضت إلى اتفاق يوقف الحرب ويرتب لترتيبات تسهم في صناعة السلام والاستقرار وحقن الدماء بين السودانيين، فستجد من يرحب بها، إلا إذا تضمنت الاتفاقية المرتقبة نصوصاً وبنوداً تماثل تلك التي بسببها تم رفض اتفاق «نافع عقار»، فالحركة الشعبية قطاع الشمال يمكن الاتفاق معها في إطار المنطقتين فقط، وليس في الترهات التي تتعلق بها بأنها تريد معالجة شاملة لكل قضايا السودان، ومعلوم أنها تقحم مناطق وإشكالات أخرى في توجهاتها السياسية لا علاقة لها بوضع المنطقتين.
> فكل شيء مرحب به في جنوب كردفان والنيل الأزرق في إطار يحافظ على سيادة الدولة ونظامها وقوانينها، أما ما عداه فلا يمكن الركون والرضوخ لمنطق الحركة المعوج وغير المقبول، فليس معقولاً ولا مقبولاً أن توافق الحكومة على وجود قوات للحركة الشعبية قطاع الشمال كما حدث في اتفاقية نيفاشا، فالترتيبات العسكرية تقتضي دمج وتسريح قوات الحركة الشعبية قطاع الشمال، وإغلاق الباب تماماً أمام أية محاولات لاستنساخ ما جرى مع الجيش الشعبي في الحركة الشعبية الأم، ولو لم تعمل الحكومة ذلك وتقف بصرامة ضده لعملت كل حركة متمردة على الاحتفاظ بقواتها بمبررات واهية حتى تستفيد من وجودها ودعمها وإعادة تجهيزها وتأهيلها للاستعداد لجولات قتال قادمة، كما دلت التجربة السابقة في ذات الولايتين جنوب كردفان والنيل الأزرق.
> وعلى الحكومة كذلك عدم السماح لقطاع الشمال بالمزايدة في قضية دارفور، فهذه لها منبر خاص في الدوحة، ولا علاقة له بوضع المنطقتين، وأي ربط بينهما يعني أن الحركة الشعبية تمارس نوعاً من الوصاية على قضية دارفور.. تتبنى الحركات وتنسق مع ما تسمى الجبهة الثورية، وليس للحركة أي وجود فعلي في دارفور، وتفويض الآلية التي يقودها السيد أمبيكي للمفاوضات لا يشمل دارفور على الإطلاق.
> ليس هناك اتفاق يتم بأي ثمن وكلفة، يجب ضبط ما يتم التوافق عليه والتشاور حوله وإشراك أهل المصلحة الحقيقية فيه، حتى لا يُضار أحد أو يصطدم الاتفاق المزمع بعقبات تمنع تقدمه، فالمشاركة السياسية لن تكون كالسابق عندما أُعطيت الحركة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق أكثر مما تستحق، يجب التعامل معها بوزنها وحجمها، لقد لعبت المجاملة والترضية السياسية عقب نيفاشا دوراً كبيراً في تأزيم الأوضاع، وكانت ثمرتها المرة اندلاع التمرد من جديد، فهذه المرة لا مجال لهذا الأسلوب، والحقائق على الأرض والمعطيات الدقيقة هي الحكم والفيصل.
> وأخيراً ثمة سؤال صغير.. إذا كان الاتفاق سيكون كما نعتقد حول وضع المنطقتين، فما مصير رئيس وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان وهو لا ينتمي للنيل الأزرق أو جنوب كردفان.. هل ستفصِّل له الحكومة جُبَّة خاصة على مقاسه يلبسها في المحفل القومي.. أو سيزهد هو في السلطة ويرضى من الغنيمة بالإياب؟! مجرد سؤال!!

Exit mobile version