عادت بالأمس الى أرض الوطن السيدة تراجي مصطفى وما أدراك ما تراجي الناشطة السياسية التي كثيراً ما أشعلت الأسافير وشغلت وسائط التواصل بالآراء المثيرة والمواقف الأكثر إثارة، ولكنني لست هنا بصدد ذلك الماضي القريب الذي كان أبرزه معارضتها الشرسة لنظام الإنقاذ والتي انقلبت مؤخراً الى (موادعة) ومواددة وضعتها بين الشخصيات (القومية) على لائحة مؤتمر الحوار، ولا لنبش زيارتها المثيرة للعجب والحنق للعاصمة الإسرائيلية تل أبيب التي سبقتها بإعلانها تكوين جمعية صداقة مع الكيان المحتل، ولا لنسأل عن أسباب وحيثيات هذا التحول الهائل بل الأحرى (الانقلاب) الكامل الذي نقلها ضربة لازب من النقيض الى النقيض، ذلك ببساطة لأن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، كما أن ممارسي السياسة ليست لهم عداوات دائمة ولا صداقات دائمة وإنما دائماً لديهم مصالح دائمة، كما أنني لست هنا لأتقصى عن ما وراء تلك الحفاوة وذاك الاحتفاء الذي غمرها به الحزب الحاكم وآلية 7+7، وإنما أنا هنا فقط لأبدي دهشتي عن التحاق تراجي المتأخر بقطار الحوار الذي أوشك على بلوغ محطته النهائية، وما الذي يمكن أن تضيفه في هذا الزمن بدل الضائع، ربما يسمح لها متبقي الزمن لتعزيز دعوتها للتطبيع مع إسرائيل، إذ بغير ذلك لن يكون لعودتها أية ذكرى سوى أن تذكر بحكاية بتول حين عادت من المدرسة عند الغروب وحين (قامت تعز الرسول).
في حكايتها الأولى (بتول تعود من المدرسة عند الغروب) الواردة في كتاب المطالعة الابتدائية زمان، راجت طرفة رواها د. فتح العليم تقول.. بعد انتهاء الدرس كالعادة قال الأستاذ: واضح؟ فأومأ التلاميذ برؤوسهم علامة للرضا، إلا أن أحد أبناء عرب الهواوير وقف وقال: ما دام الدروس بتنتهي الساعة الثانية ظهراً بتول دي المقعدها للمغرب شنو؟ أدخل جيران التلميذ المنكوب رؤوسهم تحت الأدراج مخافة أن يقذفهم الأستاذ بشيء فيخطئهم فيصيب قوماً لا ذنب لهم. كان نصيب ذلك الولد من العقاب غريباً جداً: ضربه الأستاذ عشر جلدات بتهمة قذف بتول، وأهداه ساعة رومر مكافأة على ذكائه ونظرته التفتيشية الثاقبة… وهكذا كان الثواب والعقاب يجتمعان!.. وحكايتها الأخرى (قصة بتول القامت تعز الرسول) كما رواها شوقي بدري تقول إن بتول كانت فتاة شايفا روحها وعاملة مؤدبة وبت أصول وتقيلة وعينها مليانة، وكان أن حلت ضيفة على أقرباء لها. وكانت كل ما يعزموها علشان تاكل ترفض وتقول شبعانة، وما قادرة. ويحلفون عليها…. خصمناك بي الله وتدفنيني وأموت ليك وعزي الرسول وعليك النبي كان ما عزيتي الرسول. وهي تتاقل. وترفض. في انتظار أحد أهلها لإرجاعها لبيت أبوها، وهي بت العز والأصل.. ولم يأتِ أهلها لأخذها واضطرت لقضاء الليل كضيفة. وفي الليل سمع أهل الدار كركبة في التكل والناس نيام. فسألوا.. منو الفي التكل؟ وكان الجواب… أنا بتول…. بتسوي شنو يا بتول؟… فقالت بعز في الرسول.. فهل يا ترى عزت تراجي الرسول في عز الليل.